نام کتاب : المزهر في علوم اللغة وأنواعها نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 2 صفحه : 344
ثم قال أبو الطيب: ولا يذكر أهل البصرة يحيى بن يَعمر في النحويين، وكان أعلم الناس وأفصحهم لأنه استبد بالنحو عبره ممن ذكرنا، وكانوا هم الذين أخذ الناس عنهم، وانفرد يحيى بن يَعمَر بالقراءة، والذين ذكرنا من الكوفيين فهم أئمتهم في وقتهم، وقد بينا منزلتهم عند أهل البصرة فأما الذين ذكرنا من علماء البصرة فرُؤَساء علماء معظمون غير مدافَعين في المِصْرَيْن جميعا، ولم يكن بالكوفة ولا في مصر من الأمصار مثل أصغرهم في العلم بالعربية.
ثم أخذ النحو عن عيسى بن عمر الخليل بن أحمد الفُرْهودي، فلم يكن قبلَه ولا بعده مثله، وكان أعلمَ الناس وأذكاهم، وأفضل الناس وأتقاهم.
قال محمد بن سلاَّم: سمعت مشايخنا يقولون: لم يكن للعرب بعد الصحابة أذكى من الخليل بن أحمد، ولا أجمع، ولا كان في العَجَم أَذْكَى من ابن القفع ولا أجمع.
وقال أبو محمد التوجي: اجتمعنا بمكة أدباء كل أُفق، فتذاكرنا أمر العلماء حتى جرى ذكرُ الخليل فلم يبق أحد إلا قال: الخليلُ أذكى العرب وهو مِفْتَاحُ العلوم ومصرفها.
قال أبو الطيب: وأبدع الخليل بدائع لم يسبق إليها فمن ذلك تأليفه كلام العرب على الحروف في الكتاب المسمى كتاب العين، واختراعه العروض، وأحدث أنواعا من الشعر ليست من أوزان العرب.
وكان في العصر ثلاثة هم أئمة الناس في اللغة والشعر وعلوم العرب لم يُر قبلهم ولا بعدهم مثلهم، عنهم أُخِذ جل ما في أيدي الناس من هذا العلم، بل كله، وهم: أبو زيد، وأبو عبيدة والأصمعي، وكلهم أخذوا عن أبي عمرو اللغة والنحو والشعر، ورووا عنه القراءة، ثم أخذوا بعد أبي عمرو عن عيسى بن عمر وأبي الخطاب الأخفش ويونس بن حبيب، وعن جماعة من ثقات الأعراب وعلمائهم، مثل أبي مهدية وأبي طفيلة وأبي البيداء وأبي خيرة بن لقيط وأبي مالك عمرو بن كَرْكَرَة صاحب النوادر من بني نمير وأبي الدقيش الأعرابي، وكان أفصحَ الناس وليس الذين ذكرنا دونه، وقد أخذ الخليل أيضا من هؤلاء واختلف إليهم.
وكان أبو زيد أحفظَ الناسِ للغة بعد أبي مالك وأوسَعهم رواية، وأكثرَهم أخذا عن البادية، وقال ابن مناذر: كان الأصمعي يُجِيب في ثلث اللغة، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها، وكان أبو زيد يجيب في ثلثيها، وكان أبو مالك يجيب
نام کتاب : المزهر في علوم اللغة وأنواعها نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 2 صفحه : 344