نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 392
التصويرية، وهي تمثل الأفكار لا الأصوات، لها نفس المميزات التي لقانون الإشارات, وذلك أنها تسقط وساطة الكلام وتصور لغة التفكير لا لغة الكلام.
ومن اليسير أن نبين تفاهة هذه الميزة. فقانون الإشارات لا يطبق بطبيعة وضعه إلا على عدد محصور من المعاني المهنية المحدودة، أي التي لا يعتريها التغيير، ويمكن لعدد من الناس ذوي المهنة الواحدة أن يصطلحوا عليها بسهولة, ولكن هذا القانون لا يمكن تعميمه بحال, ولأجل أن يكون للكتابة التصويرية قيمة عامة، يجب ألا تتكون إلا من علامات يمكن لكل إنسان قادر على التفكير أن يدركها على الفور, وهذا سراب خداع لأنه لا يمكن تحقيقه إلا بالنسبة للمعاني المشخصة، كمعاني الطائر والقلم والثور والعين والشمس, ولكن صعوبته تبدأ عندما يدور الأمر حول المعاني المجردة. لأننا إذا رمزنا لهذه المعاني بصور تحكمية، رأينا أنفسنا نبتعد عن مبدأ الكتابة التصويرية، وإذا استخدمنا في ذلك صور الأشياء المشخصة، بأن نتخذ مثلا من القلم رمزا للعدالة ومن الثور رمزا للغنى ومن العين رمزا لسلطة الملكية، كنا قد أوجدنا على الفور ما يوقع القارئ في اللبس.
وماذا يكون الحال بالنسبة للمعاني النحوية، والكتابة التصويرية لا تملك وسيلة التعبير عنها؟ نعم، قد يمكن لبعض اللغات ألا تتأثر بهذا النقص الخطير، وهي اللغات عديمة التصريف. فإذا كانت الروابط النحوية تنحصر في ترتيب الكلمات، أمكن للكتابة التصويرية أن تعبر عن النحو. إذ يمكننا أن نتصور بسهولة وجود علامة لكل من فكرة أنا، وإرادة، وأكل، ولحم؛ وفي هذه الحال يمكن للكتابة التصويرية أن تصور بسهولة جملة قصيرة مما يسمى لغة الزنجي الصغير على هذا النحو: أنا إرادة أكل لحم "moi vouloir manger viande". إذ لا يلزم حينئذ إلا تحديد الترتيب الذي يجب أن تقرأ عليه علامات هذه الكتابة، لأن النظام الصرفي في هذه الحال ينحصر كما قلنا في ترتيب الكلمات. ولكن ذلك لا يذهب بنا بعيدا، لأن اللغة مهما تجردت من النحو، فإنها تحتوي على معان نحوية أولية لا يمكن للكتابة التصويرية أن تعبر عنها بصورة طبيعية، مثل التمييز بين الفرد والجنس وبين الاسم والفعل والدلالة على زمن الفعل وصفته وعلى النفي،
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 392