responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس    جلد : 1  صفحه : 386
بين أشد الحوادث اختلافا- هي الحالة العادية لعقل المتوحش. وذلك على أعظم جانب من الأهمية بالنسبة لاستعمال العلامات.
لنفترض أن متحضرا علم طريقه بغصن شجرة أو خط صليبا على الرمال أو فوق صخرة ما, فإنه في هذه الحالة يكون مسوقا بباعث عقلي محض، كأنه يقصد إلى العثور على طريقه عند العودة أو إلى إعطاء إشارة ما إلى زملاء له يتبعونه. أما في ذهن المتوحش فإن مجرد رسم علامة ما يؤدي إلى تعقيدات غيبية ويوحي ببواعث مختلفة كل الاختلاف, فإذا ترك غصنا في طريقه مثلا, فذلك لتملك الأرض التي يطؤها أو لإفساد سحر ومنع تأثيره أو لاجتذاب روح أو إقصائها أو لتضليل عدو خفي بسد طريقه عليه، أو لإعطائه وسيلة يستفيد منها في الإضرار بك؛ وبالاختصار يرى في هذا العمل حدثا كبيرا يؤدي إلى نتائج حسنة أو سيئة ذات أصداء واسعة في هذا الكون الفسيح.
كذلك صورة الحمار أو صورة الكلب لا توقظ في أذهاننا بوصفنا متحضرين إلا فكرة الحمار أو الكلب دون شيء سواها, ولكنها بالنسبة للمتوحشين هي الحمار بعينه أو الكلب بعينه, فإذا كانت الصورة تمثل حيوانا ضارا أو عدوا عاديا بدل أن تمثل كائنا لا ضرر منه فما أثقل النتائج التي تؤدي إليها! عندئذ يجري على لغة العلامات جميع الأحداث السحرية التي للغة المتكلمة، من تحريم ومن كنايات مثلا فيصير من الخطر أن يرسم نمر أو فرس من أفراس البحر بقدر ما يكون من الخطر في تسميتها؛ لأن الصورة كالاسم تكون جزءا من ميدان الوجود الغيبي[1] وقد تدفعهم عاطفة مضادة لتلك، ولكنها من أصل غيبي أيضا، إلى أن يعنوا بمعرفة تصوير العدو أو الحيوان المخوف لاستمالته والتلطيف منه أو لاتخاذه حليفا ثمينا. فنرى بعض المتوحشين يرسمون على أسلحتهم ثعبانا أو ببرا معتقدين أن هذا الحيوان أو ذاك يخلع على المادة التي يرسم عليها جزءا من قدرته, فما دام الرمح أو الطرس قد زينا على هذا النحو فقد اكتسبا قوة سحرية؛ فالببر مثلا يهبهما القوة والثعبان يمنحهما المكر الذي يفسد حيل الأعداء, وبهذه

[1] دانتزل: رقم 151، ص67 وص72-73.
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس    جلد : 1  صفحه : 386
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست