responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس    جلد : 1  صفحه : 385
أمر طبيعي. إذ لا يلزم لأطفالنا إلا بعض المران وشيء من التفكير ليفهموا أن ما يرونه مكتوبا بالمداد الأسود على الورق الأبيض ليس إلا صورة الكلمات التي تسمعها آذانهم, ولا يمر بهم وقت طويل حتى يتعودوا هذه الرياضة الذهنية التي تنحصر في التوفيق بين الرسم والصوت وفي الجمع في دائرة الإدارك بين التصورات البصرية والتصورات السمعية, والزمن الذي قضيناه في طفولتنا لإخضاع عقلنا لهذه الرياضة كان من القصر بحيث لم يبق منه شيء في ذاكرتنا. فالفكرة التي في أذهاننا عن اللغة المكتوبة، قد حصلناها دون مجهود، وبصورة قريبة من الطبيعة.
ومع ذلك فمن المؤكد أن هذه الفكرة ليست طبيعية بالنسبة للإنسان. فنحن نجني ثمار التحسسات العقلية التي قام بها أسلافنا الغابرون، فهم الذين سهلوا مهمتنا بتحضيرهم لعقليتنا. فما أكثر ما بذلوا من وقت ومن مجهود في تمرين الدماغ الذي ورثونا إياه، تمرينا جعلنا لا نشعر حتى بوقوع هذا التمرين.
نحن نعرف أن بني الإنسان بدءوا بكتابة الأفكار قبل أن يكتبوا الكلمات؛ لأن الصورة استعملت في أول الأمر علامة للأشياء, ولكنهم لم يعثروا على هذا الاستعمال نفسه في أول لفتة؛ لأنه يستلزم كون الإنسان قد أدرك القيمة العقلية للعلامة الكتابية, ولكنا نعرف أن بعض المتوحشين لا يزالون حتى يومنا هذا يوحدون توحيدا تاما بين الصورة والشيء, وهذا التوحيد الذي يبدو لنا غريبا لا يرجع إلى خداع أو إلى خلط فاحش، بل يرجع إلى أن المتوحش يدرك جميع الأشياء سواء في ذلك المواد وصورها بصورة غيبية, ففي غيبيته يتكون العالم الخارجي من سلسلة من الظواهر مزودة بصفات خفية، وليست الصفات المتبادلة بينها مما يخضع للتناقض, وكأن نشاطه هو مشتبك بسدى العالم الخارجي, فلا يقوم بفعل دون أن يكون له أثره في الكون المرئي وغير المرئي, وما نسميه بالخرافة -وهي تنحصر في إعطاء أتفه الأحداث معنى غيبيا وفي إيجاد صلة خفية

نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس    جلد : 1  صفحه : 385
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست