نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 306
أي مكان[1]. فكثير من الناس يتكلمون الفرنسية. ولكن لا يوجد شخص واحد يتكلم الفرنسية ويصلح أن يكون مثالا ومقياسا للآخرين، فما نسميه الفرنسية لا يوجد في لغة الكلام عند أي كائن إنساني. لذلك كان من اللغو أن نتساءل في أي مكان تتكلم الفرنسية في أسمى صورها. فالفرنسية الحسنى "فكرة" بالمعنى الذي يستعمل فيه لبرويير la Bruyere هذه الكلمة أي أنها خرافة، مثلها مثل حكيم الرواقيين الذي كان كاملا جميلا طيبا سليم العقل والجسم. إلا إذا انتابته نوبات البلغم. كذلك فرنسيتنا الحسنى نراها تحت رحمة زلة من زلات الذاكرة أو لحن أو خطأ. فهي مثل أعلى يبحث عنه ولا يمكن العثور عليه، إنها قوة فعالة لا يستطاع تحديدها إلا بالهدف الذي تتجه نحوه، هي حقيقة بالقوة لا تخرج إطلاقا إلى حيز الفعل، وصيرورة لا تصل أبدا إلى الاستقرار.
يمكننا أن نلخص ما تقدم بأن اللغة هي الصورة اللغوية المثالية التي تفرض نفسها على جميع الأفراد في مجموعة واحدة.
لكن يبقى علينا في هذه الحالة أن نعرف المجموعة. والواقع أن الفصول التالية في جملتها مخصصة لهذا الموضوع، لأن خصائص اللغة تتوقف على طبيعة المجموعة وعلى مقدار امتدادها. إذ يوجد في فرنسا إلى جانب اللغة الأدبية التي تكتب في كل مكان والتي يزعم المثقفون بأنهم يحققونها في كلامهم. مجموعة من اللهجات مثل الفرنش كنتيه والليموزنيه اللتين تنقسمان بدورهما إلى لهجات محلية عديدة. وهذه لغات أخرى يقابلها عدد مساو لها من التجمعات. هذا إلى أنه يوجد داخل مدينة واحدة كباريس، عدد من اللغات المختلفة تسير كلها جنبا إلى جنب. فلغة الصالونات مثلا ليست لغة الثكنات، ولغة الأعيان ليست لغة العمال، وهناك رطانة المحاكم والعامية الخاصة التي تتكلم في حواشي المدنية. وهذه اللغات يختلف بعضها عن بعض إلى حد أنه قد يعرف الإنسان إحداها دون أن يفهم الأخرى.
تنوع اللغات يرجع إلى تعقد الروابط الاجتماعية. ولما كان من النادر أن [1] مييه: رقم 93، ص357.
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 306