) ومنهم (قرة عيني ووردة روضة أحبابي. حضرة الأمين المأمون راشد أفندي العينتابي. وهو فتى جاء إلى بغداد في معية المرحوم علي باشا وهو مكتوبجي. فخرج قبل أن يتم السنة إلى دار الخلافة فترقى فيها حتى صار خليفة في قلم الآمدجي. وكان للصدر الأعظم الأسبق صارم باشا شغفاً به. ولو بقى صدراً لجعله والله تعالى أعلم رأساً بين سراة صحبه. كان) سره الله تعالى (من أعظم أسباب سروري. ومرشداً إلي في دياجي مصالحي ودجنات أموري. وله من الكمال ما هو حري أن يأخذ بالساعد. فلا يزال يرقى الفتى حتى يقعده على أوج فلك عطارد. وهو في معرفة الألسن آدم الأول بالنسبة إلى أبي نصر الفارابي. وفي جودة الإنشاء البدر الأكمل بالنظر إلى ابن هلال العتابي. مع رصانة اعتقاد. له إلى قويم الحق استناد. ومكارم أخلاق. زادت على ما عهدته في العراق. فليشهد الثقلان. أني ممنون من أياديه الحسان. أسأل الله تعالى أن يديم عليه ديم الآلاء. ويعطيه من عالي الرتب ما شاء.
) ومن الكتبة آخرون (ليس لهم منة تقوم بمئونة أتعاب البنان. ولا شهرة توجب أن يشرئب إلى الوقوف على حالهم إنسان. ومجمل القول فيهم أنهم طيبوا اللسان. قليلو التفضل والإحسان. ومعظم كتاب المالية والأوقاف. ليس في دوي قلوبهم قطرة من مداد الإنصاف. كم طوى أحدهم قرطاس كشحه عن ذي الحاجة وأهمله. وخيرهم من إذا عد له الملهوف دراهماً نظر في شأنه وعدله. وصحائف أعمالهم والله تعالى أعلم أشد من قلوبهم سواد. وكأنك بسواد وجوههم يوم نشر الصحف غداً لسواد وجوه الظلمة مداد. وبالله تعالى مما ذقت من كاتب منهم في الأوقاف. رماه الله تعالى من مصائب الدهر بأبي قبيس أو قاف.
وقد اجتمعت أيضاً بأجلة لكن ليسوا من أهل إسلامبول. بل منهم من جاءها بنية الارتحال ومنهم من جاءها بالتصميم على الحلول.) منهم مدينة النقي والبيت المعمور بالمحاسن المعظمة. حضرة سيدنا محمد بن عون شريف مكة المكرمة (. فهو لعمري حسنة وجه السعد. والحجر الأسود في ركن بيت الشرف والمجد. جواد تحصنت منه خوفاً نفاقها في الأفلاك الكواكب. وشجاع تذكرنا شجاعته شجاعة جده الأمير علي بن أبي طالب. لا التفات له إلى أمور دنياه. ولا شغل له بغير الصلوة وذكر مولاه. ولي أمر مكة المكرمة أيام سطوة محمد علي باشا صاحب القاهرة. ثم أخذ بخدعة حتى جيء به إلى حمى الخلافة ودار السلطنة الباهرة. وذلك سنة ألف ومائتين وثماني وسبعين من الهجرة النبوية. على مهاجرها أفضل الصلوة وأكمل التحية. وقد كان نال إمارة الحجاز بجده وجده. واستمر على كرسيها تلك المدة المديدة بقوة سعده. وإلا فالإمارة كانت منحصرة في سلسلة بني عمه. ولم ينلها منذ مئات السنين أحد من أجداده وقومه. ولعمري لقد زانها. وشيد بمحاسنه أركانها. لكن مصلحة الدولة العلية اقتضت فصله. والإتيان به إلى عرش الخلافة عارفة له فضله. فقد أكرمه لما ورد حضرة أمير المؤمنين غاية الإكرام. واحترمه على رؤوس الأشهاد نهاية الاحترام. وعين له من بيت المال ما يكفيه. وكذا عين دامت أياديه لبنيه. وقد اجتمعت به غير مرة. فرأيته أهاب تقي وغيره. لا يفارق قيد شعرة سنن السنة. ولا يكاد يشك رائيه في أنه من أهل الجنة. وله ولدان. اسمهما عبد الله باشا لوذعي الزمان. وله إلى حقيقة الشرف بمحاسن الأخلاق مجاز. لكن يزعم بعض الطائفين في البلاد أنه قد تحمل منه ما هو أثقل من حرا أهل الحجاز. وأنا أستبعد ذلك لما شاهدت من سجاياه. وتحققت من وفور عقله ومزاياه. وإمارة الحجاز أمر خطير. وإرضاء جميع الناس لا يتسنى لأمير.
إن نصف الناس أعداء لمن ... ولي الأحكام هذا إن عدل
وقد رأيت هذا الولد لسان أبيه. وحققت أن أباه لا يتحرك بحركة خلاف مراضيه.) وبالجملة (إن هذا الشريف ابن عون قليل مثله في الشرفاء. وقد صح عندي أن من الشرفاء من تقذي أفعاله عين الزهراء. فإن لم يختم له بأحسن ختام. استحى من نسبته إليه يوم القيامة جده عليه الصلوة والسلام. فنسأل الله تعالى أن لا يدنس أنسابنا بذنوبنا. وأن لا يثقل عيابنا بعيوبنا.