) ومنها (ما جرى في مسألة الجبر والتفويض. وما في ذلك من الكلام الطويل العريض. وذلك أني حضرت يوماً من الأيام. حلقة بعض المدرسين في علم الكلام. فرأيته يقرر هاتيك المسئلة المشكلة. ويحاول أن يحل ببنان بيانه تلك العويصة المعضلة. فتوجهت إليه بشراشري. وأقبلت نحوه بباطني وظاهري. رجاء أن ينفلق لي صدف تقريره عن دره. وينهل سحاب بيانه بوابل سره. فانفلق الصدف. عن سرف. وانهل السحاب. بكذاب. واستقر كلامه في الآخر. على أن من قال أن إرادة العبد مخلوقة لله تعالى فهو كافر. فإنها مخلوقة للعباد. وللعبد أن يصرفها حيث أراد. وبذلك ختم الكلام. فقمت أجر ذيل التعجب مع من قام. فأسررت في أثناء عدوي لبعض طلبته. أن الشيخ قد أعظم الفرية في آخر كلمته. فإن الإرادة إذا كانت مما الخارج ظرف لوجوده فلا ينتطح كبشان. في أنها مخلوقة لله تعالى كسائر الأعيان. وإن كانت مما الخارج ظرف له فأي ضرر إذا قيل أنها مخلوقة لله عز وجل بمعنى أنه سبحانه أخرجها من العدم إلى أن كان الخارج ظرفاً لها. وقد نص العلامة الكوراني على مخلوقية ما الخارج ظرف له ولم يفرق بينه وبين ما الخارج ظرف لوجوده في رسالته الرادة على المقدمات الأربع في توضيح الأصول وأطال الكلام في ذلك المقام. وأيضاً كيف يتسنى للعبد إخراجها من العدم المحض ولا يتسنى للمعبود ذلك وقد قال سبحانه) وما تشاؤون إلا أن يشاء الله (قال غير واحد من المفسرين أي إلا أن يشاء الله مشيئتكم فمشيئة العبد وهي الإرادة خلافاً لبعض غلاة الشيعة الموسومين في زماننا بالكشفية مشاءةً لله عز وجل. وقد ذهب إلى ما أنكره شيخكم أجلة أخيار. فكيف يسوغ له ما سمعت من الأكفار. فقال يا مولانا أنا من ضعفاء الطلاب. وأين أنا من أن أقابلك بالجواب. وكأنه بعد أن ذهبت إلى رحلي. عرض على شيخه قولي. فلم أشعر في اليوم الثاني. إلا وحجرتي قد امتلأت إلى حنجرتها بعلماء وطلبة تلك المغاني. فتقدم إلي كبيرهم فقال أأنت القائل بالأمس كيت وكيت. فأبت نفسي الإنكار مع أنه ليس من يدفع عني لو أرادوا بي سوءاً في البيت. فقلت نعم قلت ذاك نقلاً عن الشيخ إبراهيم الكوراني. فقالوا نحن لا نقبل إلا كلام إسماعيل أفندي الكلبنوي في هذه المطالب والمعاني. وهو الذي قال ما سمعته بالأمس. فقلت هو أجل من أن يقول ما بطلانه أظهر من الشمس. فلما رأيت كثرة القال والقيل. قلت دعوا بحث إبراهيم وإسماعيل. وتعالوا نترافع إلى كتاب الله تعالى الجليل. فقالوا من يجاريك في التفسير في هذه الديار. وأنت الذي فسر القرآن العظيم بعدة أسفار. فقلت نترافع إذاً إلى السنة. فقالوا بحث التركي مع العربي في ذاك محنة. ثم كثر اللغط. وتصالحنا على أن الشيخ في الإكفار غلط. ثم خرجوا من الدار. واستولت علي من خوف مكرهم جنود الأفكار. فهرولت إلى حضرة شيخ الإسلام. وعرضت له ما كان من البدء إلى الختام. فقال لا تتعرض القوم بعد باعتراض. وعليك بالإغماض في كلامهم والإعراض. فهم قوم يتعصبون على الغريب. وينسبون إليه الخطأ ولو كان هو المصيب. وربما يفترون عليه ما يحل دمه. ويعظم ندمه. فقلت يا مولاي تبت على يديك. ولا عدت أذهب إلى أحدٍ من العلماء إلا إليك. ثم أخذنا بأهداب هاتيك المسألة. وقرر هو خلاصة ما ذكره لتحقيقها الكوراني في رسائله المختصرة والمطولة. فقلت يا مولاي أظن أن الرجل قد عرف. ورمى عن قسي التوفيق فأصاب الهدف. فأنشد سلمه الله تعالى:
وكل يدعي وصلاً بليلى ... وليلى لا تقر لهم بذاكا