النسبي صح للمجيب أن يقول أرفع الأجزاء ما تحت قدمي كما لا يخفى. ثم أنه لا ينافي تساوي أجزاء الأرض في نفسها كون الدحو من تحت جزءٍ مخصوص منها أعني أم القرى كما قال الناظم الشنقيطي أو البيت كما جاء في بعض الآثار. إذ بعد تسليم كون التحتية حقيقة وفي نفس الأمر يجوز أن يكون مبدأ دحو الأرض ذلك. ثم سويت وعدلت بحيث لم يبق فيها اختلاف مضر في كرويتها. وحينئذ لا يخفى ما في قوله) فلذاك (كانت أرفع الأجزاء. ويمنع الذهن أن يطوف حول دعوى أنها أرفع الأجزاء حساً جارها الطائف ونحوه. وكذا انتفاء لوازم ذلك العادية المتحققة في المواضع المرتفعة حساً من البرد ونحوه. وزعم بعضهم أن أرفع الأجزاء صخرة بيت المقدس وهي قطعة من الجبل كانت يوضع عليها تابوت التوراة وهي متصلة به لا منفصلة عنه ساكنة في الهواء كما هو الشائع عند العامة وروى فيه البرقي خبراً هو كالبرق الخلب) واستدل (على ذلك بقوله تعالى) يوم يسمعون الصيحة من مكان قريب (بناءً على أنها المرادة بالمكان القريب كما نطقت به بعض الآثار وأن المراد بالقرب القرب من السماء قال ولذا كان العروج منها. وكلا المبنيين في حيز المنع ودون صحة النقل نقل الصخور من الأوحال. إلى قلل الجبال. والإنصاف أن الحس يأبى ذلك وأنه لا يكاد يصيح خبر فيه. وأنه لو صح ينبغي تأويله صيانة للشريعة عن طعن الطاعنين. وقدح القادحين. وقد قالوا أن الخبر الصحيح متى صادم دليلاً قطعياً يجب تأويله. ومثله قولهم يؤل الدليل النقلي الصحيح. للدليل العقلي الصريح. ولذا أول من أول الآيات والأحاديث المتشابهة. وذكر غير واحد من علماء الحديث أن من جملة ما يستدل به على وضع الحديث كونه مصادماً لبداهةٍ أو حسٍ صحيح ولا يمكن تأويله. ومثل ما قيل في الأرفع قيل في الأخفض وهو بزعم بعض الناس أرض الأبلة. واستدل بما ذكره ابن جرير الطبري في تفسيره من أن أبعد الأرض من السماء أرض الأبلة التي هي عند بعض القرية المذكورة في قوله تعالى) حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها (وفيه أن الخبر المأمول أو موضوع. والحق أن كثيراً مما يذكره القصاص في أمر الأرض وكذا أمر السماء لا يعول عليه. ومنه بعض ما ذكره الجلال السيوطي في كتابة الهيئة السنية وهو في جمعه ذلك على جلالته كالواقدي حاطب ليل. وخابط سيل. لم يشمر عن ذيل. فلا تكسل عن طلب الحق وسلوك سننه. وعليك باستماع القول واتباع أحسنه.