سمعت. ومنهم من استدل على استدارة الأرض باستدارة ظلها لما يشاهد من دائرة الظل التي يدخل فيها القمر وكون المقاطرة الموجبة للخسوف تتفق في جميع أجزاء الفلك واستلزام ذلك كون الظل من جميع النواحي بل الأرض مستديرة. وأنت تعلم أن هذا مع ما فيه لا يدل على استدارة الأرض بل على استدارة مجموع الأرض والماء لأن الظل لذلك.) ومنهم (من استدل على ذلك بأن الأرض متباعدة من جميع جوانب الفلك إلى المركز وطباعها وطباع جملة أجزائها كذلك وذلك يوجب أن تكون كرة وإلا لكان بعض أجزائها أبعد عن المركز من البعض الآخر ولزم منه الاتحاد في الماهية مع الاختلاف في الأحكام وهو محال. وفيه أن الاتحاد في الماهية ممنوع وسنده ظاهر.) ومنهم (من استدل بالبساطة وفيه ما فيه. وقدح بعض الناس في كروية الأرض بأن مركز ثقلها إن كان مركز حجمها أو قريباً منه وجب أن يكون غوصها في الماء من جميع الجوانب على السواء وكان يجب أن لا يكون شيء منها بارزاً لأن البارز هو ربع فقط والبواقي في الماء. وإن لم يكن كذلك وجب أن يكون بعض جوانبها أثقل من بعض لكن الأرض جسم بسيط فيكون جانبه الأزيد ثقلاً أزيد مقداراً فالأرض لا بد أن يكون بعض جوانبها أزيد طولاً من بعض والجانب الآخر أزيد عرضاً من الأول حتى تعتدل الجوانب في الثقل وذلك يقدح في كونها كرة وهو خطأ. لأنا لا نسلم كون الأرباع الثلاثة مغمورة في الماء. وظهور أمريقا يرد على من حصر المعمور في الربع. سلمنا ذلك لكن لم لا يجوز أن يكون التفاوت في جوانب الأرض لا يسبب التفاوت في الشكل بل بسبب التفاوت في الخاصة من كون بعضها أكثر اكتنازاً وتحجراً فكان أثقل والجانب الآخر أكثر رخاوة فكان أخف. وقدح بعض المتشرعين في كرويتها بقوله تعالى) والأرض بعد ذلك دحاها (وبقوله سبحانه) ألم نجعل الأرض مهاداً (وبقوله عز وجل) والأرض فرشناها (إلى غير ذلك مما تضمن الدحو أو المهد أو الفرش. فإن كل ذلك ينافي الكروية. وفيه منح ظاهر فإن كلاً مما ذكر يجامع كروية الجسم العظيم بلا شبهة أصلاً. وقد نص على ذلك الإمام الرازي وغيره من الأجلة الذين تدور كرة كلامهم على محور التحقيق. وليس في الأحاديث الصحيحة أيضاً ما يأبى ذلك. فالإنصاف عدم التحاشي من القول باستدارة السطح الظاهر منها في الحس والجزم بكون مجموع الأرض والماء مستديراً) إذا علمت ذلك (فاعلم أنه ليس شيء من أجزائها الظاهرة أرفع من بعض وإلا لم يكن السطح الظاهر مستديراً هذا خلف. وإن اعتبر مع الأرفعية عدم الإخلال بالاستدارة الحسية قيل إن أرفع الأجزاء ذروة أرفع الجبال وهو ما أشير إليه سابقاً أو غيره مما هو أرفع منه. فقد حكي والعهدة على الحاكي أن الجغرافيين اليوم وجدوا ذلك. ثم أن الجواب بما ذكر مبني على عرف الناس من عدد الجبال من الأرض فيكون جزءها جزءها. وإلا فالكتاب المجيد والسنة الجليلة ظاهران في أن الجبال ليست من الأرض قال تعالى) ألم نجعل الأرض مهاداً والجبال أوتاداً (إلى آيات كثيرة قوبل فيها الأرض وقال عليه الصلوة والسلام) لما خلق الله الأرض جعلت تميد فوضع عليها الجبال فاستقرت (الحديث وحكمهم بالحنث على من حلف لا يقعد على الأرض فقعد على الجبل ليس إلا لأن الإيمان مبنية على العرف والأرض فيه تعم السهل والجبل. ولكون مبنى الإيمان ذلك لم يحكموا بحنث من حلف لا يأكل لحماً فأكل سمكاً مع أن الله سبحانه وتعالى سماه في كتابه الكريم لحماً. وعلى ما دل عليه الكتاب والسنة من كون الجبال ليست من الأرض. يقال في الجواب ليس شيء من أجزاء الأرض أرفع أجزائها على تقدير كرويتها وربما يتخيل أن الأرفع الجزء المسامت لنقطة تقاطع الدائرة المارة بالأقطاب الأربعة ودائرة المعدل وهو توهم محض من المتخيل. ويرشد إلى هذا أن ذلك التقاطع في جهتين مختلفتين سمت الرأس وسمت القدم فكيف يعقل كون الجزء المسامت لتلك النقطة أرفع الأجزاء في نفس الأمر) نعم (من عند تحت تلك النقطة يرى أن كل جزء دونه وأعظم الأجزاء في هذا الجزء المسامت لنقطة التقاطع من جهة سمت قدمه. ومثله في هذه الرؤية من عند كل نقطة وعلى كل جزء من الأرض فما تحت قدم كل شخص أرفع من غيره بالنسبة إليه مع أنه تحت قدم غيره حقيقةً أو حكماً. وكثيراً ما يتفق الواقعان على طرفي خطٍ واحدٍ كما لا يخفى على العارف بالأطوال والعروض) وإذا (اعتبر هذا الأمر