فقلت يا مولاي لا يتعين كون المخير له عليه الصلوة والسلام هو الله عز وجل بل يجوز أن يكون المخير من العباد. وحينئذٍ لا إشكال ولا فساد. وذلك المخير يجوز أن يكون مؤمناً غير مطلع على الإثمية ويجوز أن يكون كافراً غير مطلع عليها أو مطلقاً غير مؤمن بها. وقد يدفع الإشكال. على تقدير كون المخير هو الله الملك المتعال. بأن يجعل يكن بمعنى يصير. وجوز بعض أجلة المعاصرين إبقاء يكن على المعنى المشهور ما لم يكن فيما مضى إثماً أما في شريعة من الشرائع السالفة أو في شريعته عليه الصلوة والسلام ويلزم عليه أن لا يختار عليه الصلوة والسلام النسخ إلى أسهل أصلاً مع أن الأغلب النسخ إليه. بل اختلف في النسخ إلى أثقل. والجمهور على جوانبه بل قووعه كنسخ التخيير بين صوم رمضان والفدية بتعيين الصوم قال تعالى) وعلى الذين يطيقونه فدية (الآية وقال تعالى نسخاً لذلك) ومن شهد منكم الشهر (الخ وكنسخ وجوب الكف عن الكفار الثابت بقوله تعالى) واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلا (بإيجاب القتال الثابت بآيات كثيرة ولا شك في أنه أثقل. وقال بعض المعتزلة لا يجوز إذ لا مصلحة في الانتقال من سهل إلى عسر. ومنع بأنا لا نسلم ذلك بعد تسليم رعاية المصلحة. ولقائل أن يقول أنه لا يلزم من أغلبية النسخ إلى الأسهل أن يكون بعد التخيير والاختيار. لجواز أن يكون قد وقع ابتداءً من الفاعل المختار. فتدبر وقيل إن ما لم يكن إثماً قيد الجميع ما قبله فيكون مفهوم المخالفة أنه إذا كان إثماً لا يختار وهو كما ترى. وقيل غير ذلك فليتأمل.
) ومنها (ما جرى فيما نقله لي من اعتراض الجلال الدواني. على قول الإمام الرافعي وهو الشافعي الثاني) المتوضي إذا نوى رفع غير حدثه إن ناسياً صحت نيته وإن عامداً لم تصح (وحاصله إن هذه النية من التصور المحال بالوصف لا من تصور المجال بالإضافة فليسن هذا من الفرضيات التي يذكرها الفقهاء لأن كلاً منها أمر محكم وإن كان الواقع خلافه.
) فقلت (يا مولاي كأن الجلال على جلالته. وكونه شافعياً في ديانته. لم يصب في فهم كلام الإمام الرافعي. ولم يع مراده ولو تأمل لكان يعي. وكأنه توهم أن المراد بغير الحدث الذي نوى المتوضي رفعه بالطهارة ونية رفعها بالوضوء المشروع لرفع ضدها كالجمع بين الضدين. وهذا نهاية ما يخطر لي في توجيه جعله ذلك من التصور المحال. وأنت تعلم أن الظاهر عليه أن يقال) إذا نوى المتوضي رفع طهارته (فإنه أخصر وأظهر في ذلك المراد. فقال فما تقول أنت في مراده. فقلت إن حدث المتوضي قد يكون من خروج ريح وقد يكون من خروج بول. إلى غير ذلك مما يغني العلم به عن تكثير القول. فيمكن أن يكون مراده) إن من كان حدثه من خروج بول مثلاً إذا نوى رفع الحدث من غيره فإن كان ناسياً صحت نيته وإن كان عامداً لا تصح لظهور تلاعبه (ولا محالية في النية على الوجهين كما لا يخفى. وعليه فلا إشكال. ولا قيل ولا قال. وكان في ذلك المجلس العلي. وكيل الدرس مصطفى أفندي الودين لي. فأنصق ووافق وقرر ما قررته تركيا وطابق. فقال المولى وأنا أيضاً لم أرتض اعتراض الجلال. ودفعته على غير هذا المنوال) وحاصله (بأنه قد تكون تلك النية. من بعض جهلة القلندرية الوجودية. فينوي أحدهم لو توضى رفع حدث زيد أو عمرو. أو بشر أو بكر. حيث أنه لا يقول بوجود الأغيار. وليس في الدار على زعمه غير الوجود المطلق ديار. ومن هنا قال قائلهم.
وتلتذان مرت على جسدي يدي ... إلا أني في التحقيق لست سواه
وهم الذين رفعوا الاعتبارات. ثم رفعوا لذلك التكليفات) وأنت تعلم (أن هذا الدفع يقتضي أنه حمل نية رفع غير حدثه على نية رفع حدث غيره) وحينئذ (يقال لو كان المراد ذلك لعبر به لأنه الأظهر. ثم أنه لا بد أن يراد بالغير عليه من هو غير في نفس الأمر أو في عين المحجوبين في زعم ذلك القلندري المتوضي. وإلا فلا غير عنده بل هو في رأيه عين زيد مثلاً الذي نوى رفع حدثه. بل هو وكذا لحيته عين عذرته وروثه. فتأمل. ولا تغفل.