بها سكني في ربعها الخصب ناقتي ... بها جملي يرغو بها قيمتي تغلو
ألا ليت شعري هل أراني بربعها ... مقيماً وبالأحباب يجتمع الشمل
وهل روضها يخضر بعد ذبوله ... ويهمي على أوراقه الوبل والطل
وهل أنا في يوم العروبة قاصد ... لحضرة باز شأنه الفصل والوصل
وهل كل يوم ماسك كف والدي ... أبو المصطفى ذو همة أبداً تعلو
وهل أدباء الجانبين يضمهم ... وإياي طاق نقله الأدب الجزل
وذلك طاق التهم لا أزال باقياً ... له العقد في أرجائه وله الحل
وهل تريني ذاهباً بعد مغرب ... لتكية شيخ العصر من جوره عدل
ففيها صدور لازموه لعجزهم ... وما ظعنوا بالسير عنه وقد كلوا
سلام على تلك الديار وأهلها ... فهم في فؤادي دائماً أينما حلوا
فوالله لا أسلو هواها وماءها ... إذا كان قلبي عندها فمتى أسلو
أحبتنا هل من وصول إليكم ... فقد تعبت بيني وبينكم الرسل
الأهمة تزجي ركائب عزمتي ... إليكم إذا شئتم بها اتصل الحبل
وأني بناديكم على سوء فعلكم ... أرى أبداً عندي مرارته تحلو
وأسأل ربي بالنبي وآله ... يسهل عودي نحوكم وله الفضل
فورداً لي. وأنهل من سحائب الرحمة علي. أبيات من حضرة عين العراق. ومن وقع على غيرته وشهامته من كل راء له الاتفاق. وليس ذاك بمستنكر فهو المشهور بكامل الأوصاف. في جميع البسيطة من القاف إلى القاف. سيدي الذي جعل الله فعل الجميل غذاءه وزاده. أبو محمد والدي عبد الغني أفندي جميل زاده. ذكر فيها ما زاد همي. واعتصر من ألفي ما شربته من حليب أمي. وهي هذه:
لهفي على بغداد من بلدة ... قد عشعش العز بها ثم طار
كانت عروساً مثل شمس الضحى ... لمستعير حليها لا يعار
كان بها للنفس ما تشتهي ... كجنة الخلد ودار القرار
كانت لآساد الوغى منزلاً ... والخائف الجاني بها يستجار
كان يميطون الأذى أهلها ... عن كل آتٍ حيها مستطار
واليوم لا مأوى لذي فاقة ... فيها ولا في أهلها مستجار
واليوم قد حل بها من ترى ... فانفر وإلا بيديك الخيار
لم يرقبوا إلاً ولا ذمة ... فينا ولا عذراً لذي اعتذار
حل بها قوم وهم في عمىً ... ما ميزوا أشرارها والخيار
وأصبح القرد بها مقتدى ... يلعب بالألباب لعب القمار
والليث قد غاب وفي غابة ... قطباً إذا الثور عليه المدار
وللخنا لما غدت مريضاً ... قد سجد الليث بها للحمار
بارت بها أسنى تجاراتها ... وهكذا عادة دار البوار
وأهلها لا عيب فيهم سوى ... أنهم يرعون حق الذمار
قد نعق البوم على جدرها ... يصيح بالناس البدار البدار
والكرخ قد أقفر من أهله ... من بعد ما كانوا كورد البهار
ما سمت زوراء إلا لما ... فيها عن الرشد من الازورار
قد حط فيها كل طود علا ... وما علا إلا خفيف العيار
وكل من كان بها واثباً ... إلى العلى عادت خطاه قصار
قد خلع الناس عذار الحيا ... فخار فيها الوغد والحرحار
والكل فيها قادح زنده ... وأول الإحراق يبدو الشرار
لا يشتفي غيظ أخي نخوة ... إلا إذا جرد بيض الشفار
قد طال هجوي وعتابي لها ... والآن قد ملت إلى الاختصار
أيا شهاب الدين يا سيدي ... قد هجم النذل علينا وغار
بغدادكم أحني عليها الذي ... من أسره لا يستطاع الفرار
قد بليت بالغمرات التي ... قد علمت مثلك خوض الغمار
يا نازحاً عنا وما قد درى ... من بعده ما قد جرى في الديار
برمة من مسدٍ رثةٍ ... بالذل قد قاد الصغار الكبار
لو أن لي ماسكة من قوى ... أتيتكم حبواً إلى أسكدار
وفزت في لثم أيادٍ لنا ... في لثمها السؤدد والافتخار
ونلت من راحتها نهلة ... أطفي بها ما سامني من أوار
علامة الدنيا وفهامة ال ... فتوى ومن به الدين القويم استجار
مشيخة الإسلام كانت له ... نعم الدثار يا له من دثار
وقد غدا الدين الحنيفي في ... أنظاره عالي الذرى والمنار