) ومنهم ذو المقام الأنسي. حضرة الشيخ طاهر أفندي القدسي (. كان منذ سنوات مفتي القدس. فجاء لمصلحة إلى إسلامبول فأنس به شيخ الإسلام قبل المشيخة غاية الأنس. فاتخذه خليلاً. وجعله في بيته نزيلاً. وقد رأيته كل ليلة بعد صلوة العشاء يدارسه شيئاً من القرآن العظيم وكتاب الشفا. وسمعت انه مضى لهما على هذه الحال أحوال. لا زالا كذلك بل أمير حالاً إن شاء الله تعالى في الاستقبال. ولشيخ الإسلام اعتقاد به حسن للغاية. وربما يعتقد فيه ولا بدع في أن يعتقد المرء في ظاهر رتبة الولاية. وقد رأيته شيخاً في الفقه والحديث. وله سائق إلى تقوى ربه سبحانه حثيث. وقد فوض الإفتاء إلى شبله. وكفاه شيخ الإسلام مؤونة أمره كله. ورأيت حجرته كحجرة الصخرة يتبرك بزيارتها قبيل أثر قبيل. ويده كالحجر الأسعد طوقتها الزوار بأطواق تقبيل. بل من رأى في حجرته تراكم الأمم. خيل له وحرمة باب حطة أنها بيت لحم. ويا لله تعالى عيشه ما أهنأه. ووقته في فرمق ما أصفاه. وهو ممن أجاز شيخ الإسلام ببعض الأوراد. مع أنه قد أخذ ما أخذ من حضرة المار إليه واستفاد. أسأل الله تعالى أن يكثر في المسلمين مثله. ويديم سبحانه علينا وعليه فضله.
) ومنهم القاضي الأسبق في مدينة السلام. محمد أفندي الشهير بالجابي من أهل دمشق الشام (. حاله في العراق معلوم. وإن جهلته فسل عنه قاضي جبل أو سدوم. رأيته أسامة شيخ الإسلام. مع أنه ثعالة أهل الشام. قد لازم حجرة في بيت المشار إليه ملازمة ما لازمها أحد قبله. فكلما دخلتها عليه وجدته مطرقاً رأسه على سجادة له مستقبل القبلة. لا يخرج منها إلا لحاجة ضرورية في ليل أو نهار. وهو فيها جحيش وحده لا يزور ولا يزار. حتى إذا أعطاه شيخ الإسلام رتبة مخرج. ونصبه مفتي المجلس في بغداد انتصب قائماً وخرج. ثم أنه توجه إلى دمشق الشام. فعزل عن الإفتاء قبل أن يتوجه إلى مدينة السلام. وبقيت رتبة المخرج عليه. وهي أحب شيء لديه. وقد تحقق عندي بلا مرية. أنه رماني وعبد الباقي أفندي العمري بكل فرية. فصدقه على ما سمعت حضرة شيخ الإسلام. حيث أنه عنده) مع أنه أكذب من السالئة (قائم مقام حذام. وهو سلمه الله تعالى معذور في تصديق هذا الكذوب. فإن حاله مما لا يخفى على علام الغيوب. وأنا أسأل الله تعالى أن لا يجعل في قلبي لمؤمن غلاً. وأن يغفر لي إن كنت افتريت عليه شيئاً جل أو قلا. وأن يصلح حالي وحاله. وأن لا يجعل أفعاله أفعى له. ولعمري لو اطلع شيخ الإسلام من حاله نحو ما اطلع عليه أهل مدينة السلام. ما قلده القضاء بين اثنين إلى أن يقضي الله سبحانه بين الأنام. ولله تعالى في تقدم هذا الرجل عند حضرة المشار إليه. سر خفي لا يطلع قبل ظهوره عليه نسأل الله تعالى أن يحفظنا مما نكره. وأن يدفع عنا بحوله وقوته كيد الشيطان ومكره.
) ومنهم من أخذ بضرع الشرف فارتضع منه ما شاء وحلب. حضرة الحاج يوسف بك بن شريف بصيغة التصغير نخبة أهل حلب (. وهو من قوم أمجاد. ولم أجتمع به يوم جاء مع علي باشا إلى بغداد. ولا بعد أن صار متسلم البصرة وعاد منها. وذلك لأمور طويلة الذيل لا ينبغي أن ينكشف الغطاء عنها. ولما اجتمعت به في القسطنطينية. رأيته ذا خبرة بالعلوم الأدبية. ورأيت له من مكارم الأخلاق. ما وددت أن يكون مثلها في بعض وجوه العراق. فيا لله تعالى دره من فتى عالي الجناب. وإذا قلت قد أوتي وسف شطر الحسن فلا عجاب. وحدثني المرحوم والدي تغمده الله تعالى برحمته. وأسكنه الغرف العلية من جنته. أنه نزل في بعض أسفاره ضيفاً عند جده. فرأى من إكرامه إياه ما يشهد بعلو مجده. وهذا الكعك من ذاك العجين. وهذا الليث من ذاك العرين. وقد رجع إلى وطنه قبلي بأيام. وبقدومه إليه استبشر على ما سمعت الخاص والعام. وظني أنه سيكون له في الرياسة شأن. ولا بدع فقلما رأيت مثله في رؤساء هذا الزمان.