راكب على فيلٍ، فضرب نقيرة طبلٍ فهالته روياه، وسأل عنها القسوس والرهبان فلم يجبه أحد! ودس يهودياً إلى من يعلم تأويلها من المسلمين، فدل على عابر فقصها عليه، ونسبها إلى نفسه، فقال له العابر: كذبت! ما هذه الرويا لك، ولا بد أن تخبرني من صاحبها وإلا لم أعبرها لك! فقال له: اكتم، ذلك هو الفنش بن فرذلند! فقال العابر: قد علمت أنها رؤياه ولا ينبغي أن تكون لغيره، وهي تدل على بلاء عظيمٍ، ومصيبةٍ فادحة، تؤذن بصلبه عما قريب، أما الفيل فقد قال الله تعالى: ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل السورة، وأما ضرب النقيرة فقد قال الله تعالى: فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذٍ يوم عسير الآية؛ فانصرف اليهودى إلى ابن فرذلند وجمجم له وذكر له ما وافق خاطره ولم يفسرها له.
ثم خرج ابن فرذلند ووفق على الدروب، ومال بجيوشه إلى الجهة الغربية من بلاد الأندلس، فتقدم يوسف فقصده، وتأخر ابن عباد لبعض الأمر، ثم انزعج يقفو إثره بجيش فيه حماة الثغور، ورؤساء الأندلس، وجعل ابنه عبد الله على مقدمته، وسار وهو يتفاءل لنفسه، مكملاً البيت المشهور كامل:
لا بد من فرج قريب ... يأتيك بالعجب العجيب
غزو عليك مبارك ... سيعود بالفتح القريب
لله سعدك إنه ... نكس على دين الصليب
لا بد من يوم يكو ... ن أخاً له يوم القليب
ورافت الجيوش كلها بطليوس، فأناموا بظاهرها، وخرج إليهم صاحبها