بادر وأعان وخرج وأخرج؛ وكذلك فعل الصحراويون مع يوسف بكل صقع من أصقاعه، رابطوا وصابروا.
ولما تحققق ابن فرذلند جواز يوسف، استنفر جميع أهل بلاده وما يليها، وما وراءها، ورفع القسيسون والرهبان والأساقفة صلبانهم، ونشروا أناجيلهم، فاجتمع له من الجلالقة والإفرنجة وما يليهم مالا يحصى عدده؛ وجعل يصغى على أبناء المسلمين متغيظا على ابن عباد جافياً ذلك عليه، متوعداً له. وجواسيس كل فريقٍ مترددون بين الجميع، وبعث ابن فرذلند إلى ابن عباد: إن صاحبكم يوسف قد تعنى من بلاده، وخاض البحور، وأنا أكفيه العناء فيما بقى، ولا أكلفكم تعباً، أمضى إليكم، وألقاكم في بلادكم، رفقاً بكم، وتوفيراً عليكم. وقال لأهل وده ووزرائه: إني رأيت إن أمكنتهم من الدخول إلى بلادي، فناجزوني بين جدرها، وربما كانت الدائرة على، فيكتسحون البلاد، ويحصدون من فيها في غداةٍ؛ لكن أجعل يومهم معي في حوز بلادهم، فإن كانت على اكتفوا بما نالوه، ولم يجعلوا الدروب وراءهم إلا بعد أهبةٍ أخرى، فيكون في ذلك صون لبلادي، وجبر لمكاسرى! وإن كانت الدائرة عليهم كان مني فيهم وفي بلادهم ما خفت أنا أن يكون منهم في وفي بلادي إذا ناجزوني في وسطها! ثم برز بالمختار من أنجاد جموعه على باب دربه، وترك بقية جموعه خلفه، وقال حين نظر إلى ما اختاره من جموعه: بهؤلاء أقاتل الجن والإنس وملائكة السماء، فالمقلل يقول: كان هؤلاء المختارون من أجناده أربعين ألف دراع، ولا بد لمن هذه صفته أن يتبعه واحد أو اثنان، وأما النصارى فيتعجبون ممن يزعم ذلك ويقوله. واتفق الكل أن عدة المسلمين كانت أقل من عدة المشركين. ورأى ابن فرذلند في نومه كأنه