وانتهب جميع ما كان في الحصن ثم هدم قصد إلى حصن المعدن، فافتتح وهدم.
وبعد الفراغ من ذلك كان النهوض إلى شلب، فوصلها في ثاني جمادى الأخيرة سنة 587، فأحدقت الجيوش بها، وأخذت بمخنقها، ونصب عليها المجانيق وآلات الحرب، وجدوا في قتالها، وبالغوا في نكاية أهلها، فطلبوا الأمان في أنفسهم على أن يسلموا المدينة ويخرجوا إلى بلادهم، فأجيبوا إلى ذلك، وخرجوا منها في السادس والعشرين من جمادى الأخيرة، وفي ذلك يقول أبو بكر بن مجبر قصيدته المشهورة، التي أولها طويل:
دعا الشوق قلبي والركائب والركبا ... فلبوا جميعاً وهو أول من لبى
وظلنا نشاوى للذي بقلوبنا ... نخال الهوى كأسا ويحسبنا شرابا
إذا القضب هزتها الرياح تذكروا ... قدود الحسان البيض فاعتنقوا القضبا
القصيدة. ثم أخذ المنصور في الرحيل إلى مراكش.
شلبطرة
بالأندلس، من بلاد الإذفونش، وهو حصن من حصون الأندلس من عمل قلعة رباح؛ كان الملك الناصر أبو عبد الله محمد بن المنصور بعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن ملك المغرب نزل عليها وحاصرها بالمجانيق الفخام، والآلات الحربية، حتى قهر أهلها وملأها، وذكل في أوائل سنة608؛ وكان نزل أولاً على حصن الثلج فتملكه، ثم رجع الحصار كله على حصن شلبطرة، فنصب عليها المجانيق، ورميت بالحجارة الصم الكبار، وطال حصارها إلى أن ضاق أهلها وأعياهم المر، فطلبوا