فسألهم عن اسم الموضع فأحضر له عدة من الأسرى والأدلاء فقيل لهم: ما تفسير هذا الاسم وهو القشيرة فقالوا: تفسيره مد رجليك، فلما سمعها المأمون اضطرب من هذا الفأل وتطير به فقال: سلوهم ما اسم هذا الموضع بالعربية، فقالوا: الرقة، وكان فيما عمل من مولد المأمون أنه يموت بالموضع المعروف بالرقة، فكان يحيد عن المقام بمدينة الرقة خوفاً من الموت، فلما سمع هذا من الروم علم أنه الموضع الذي وعد فيه فيما تقدم من مولده وأن فيه وفاته، والبذندون تفسيره مد رجليك، فلما ثقل المأمون قال: أخرجوني أشرف على عسكري وأنظر إلى رجالي وأتبين ملكي وذلك بالليل، وأخرج فأشرف على الخيم والجيش وانتشاره وكثرته وما قد أوقد من النيران فقال: يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه، ثم رد إلى مرقده وأجلس المعتصم رجلاً يلقنه الشهادة لما أثقل فرفع الرجل بها صوته ليقولها المأمون، فقال ابن ماسويه: لا تصح فوالله ما يفرق الآن بين ربه وبين ماني، ففتح المأمون عينيه وبها من العظم والتورم والاحمرار ما لم ير مثله قط وأقبل يحاول البطش بابن ماسويه ورام مخاطبته فعجز عن ذلك فرمى بطرفه نحو السماء وقد امتلأت عيناه دموعاً وانطلق لسانه من ساعته فقال: يا من لا يموت ارحم من يموت، وقضى من ساعته وذلك لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين وحمل إلى طرسوس فدفن بها. ماسويه ورام مخاطبته فعجز عن ذلك فرمى بطرفه نحو السماء وقد امتلأت عيناه دموعاً [1] وانطلق لسانه من ساعته فقال: يا من لا يموت ارحم من يموت، وقضى من ساعته وذلك لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين وحمل إلى طرسوس فدفن بها.
براغة (2)
هي مدينة مجاورة لبلاد الأتراك مبنية على نهر هناك بالحجر والجيار، وهي تصغر عن المدن وتكبر عن القرى وبها سوق تجمع المرافق السفرية والحضرية في أعلاها قلعة كبيرة حصينة وبها عين ماء معينة يخترق ماؤها بسيط بطحائها، وهي أكثر البلاد متاجر تأتيها من مدينة كراكو [3] الروس والصقالبة بالمتاجر ويأتيهم من بلاد الترك والإسلام اليهود والترك بالمتاجر أيضاً والمثاقيل البرقطية [4] يحملون من عندهم الدقيق والقصدير وضروب الأوبار، وهي أطيب بلاد أهل الجوف وأزكاها معيشة يباع عندهم من القمح بقنشار ما يكتفي به المرء شهوراً، ويبلغ عندهم بقنشار من الشعير علف أربعين ليلة لدابة، ويباع عندهم عشر دجاجات بقنشار، وبمدينة براغة تصنع السروج واللجم والدرق المستعملة في بلادهم.
برقعيد (5)
مدينة بينها وبين نصيبين سبعة وعشرون ميلاً، وهي مدينة حصينة كبيرة كثيرة الخير والخصب ويسكنها قوم من تغلب. برهوت
في نحر [6] بلاد حضرموت من بلاد الشحر في جهة اليمن ببلاد عمان، فيها أطمة يسمع صوتها كالرعد من أميال كثيرة تقذف من قعرها بجمر كالجبال وقطع من الصخر سود حتى يرتفع ذلك في الهواء ويدرك حسها من أميال كثيرة ثم تنعكس سفلاً فتهوي إلى قعرها وحولها.
برذال (7)
مدينة من إقليم برغش كاملة شاملة بضروب النعم كثيرة الفواكه، بينها وبين البحر اثنا عشر ميلاً.
برك الغماد (8)
بالغين المعجمة، وهو المذكور في قصة غزو بدر وهو في أقاصي هجر، وهذه الغين المعجمة تضم وتكسر، وفي خبر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر رضي الله عنه مهاجراً إلى أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال: أخرجني قومي وأريد أن أسيح في الأرض أعبد ربي، قال ابن الدغنة: مثلك لا يخرج إنك لتكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ارجع واعبد ربك في بلدك، فرجع وذكر باقي الحديث، وقال الهمداني [9] : برك الغماد في أقصى اليمن.
برشلونة (10)
مدينة للروم بينها وبين طركونة خمسون ميلاً، وبرشلونة على البحر ومرساها ترش لا تدخله المراكب إلا عن معرفة، [1] وأقبل يحاول ... دموعاً: سقط من ص.
(2) البكري (ح) : 161، وتكتب أيضاً ((افراغة)) . [3] في الأصلين: كراكر. [4] البكري: المرقطية.
(5) انظر معجم البلدان حيث يذكر ياقوت أن برقعيد كانت في زمنه صغيرة حقيرة، ولكن المؤلف هنا يتابع ما قاله الإدريسي في نزهة المشتاق: 199. [6] في الأصلين: بحر؛ وبرهوت بئر، او وادٍ (راجع ياقوت ومعجم ما استعجم، وليس ما هنا نقلاً عن أحداهما) .
(7) نزهة المشتاق: 234، وبروفنسال: 41.
(8) معجم ما استعجم 1: 243. [9] صفة جزيرة العرب: 204.
(10) بروفنسال: 42، والترجمة: 53 (Barcelona) ، ونزهة المشتاق: 231.