ثياب رقاق فجعل تنتفخ أوداجه ويصيح حتى لم يبق له زر إلا انقطع [1] ، ولد محمد بن الحسن بواسط سنة 132، ومات بالري سنة 189 وهو ابن ثمان وخمسين سنة، قلت: وزرت قبريهما، ومات معه أبو الحسن على بن حمزة الكسائي في يوم واحد، فقال الرشيد: دفنت اليوم اللغة والفقه! وأنشد اليزيدي يرثيهما:
أسيت على قاضى القضاة محمد ... فأذويت دمعي والعيون هجود
وقلت إذا ما الخطب أشكل من لنا ... بايضاحه يوما وأنت فقيد
وأقلقنى موت الكسائي بعده ... وكادت بى الأرض الفضاء تميد
هما عالمانا أوديا وتخرّما ... فما لهما في العالمين نديد [2]
رأى محمويه- وكان يعد من الأبدال- في المنام محمد بن الحسن [3] ، فقال له:
يا أبا عبد الله إلى ما صرت؟ قال: قال لي: إني لم أجعلك وعاء للعلم وأنا أريد أن أعذبك! قلت: فما فعل أبو يوسف؟ قال: فوقى، قال:
قلت: فما فعل أبو حنيفة؟ قال: فوق أبى يوسف بطبقات [4] .... ولو لم نعرف لسانهم لحكمنا أنهم من الملائكة: محمد بن الحسن في فقهه والكسائي في [1] انظر ما في تاريخ بغداد ص 177.
[2] مطلعها «تصرمت الدنيا فليس لها خلود» انظر الجواهر المضية 2/ 44 ففيها تسعة أبيات، وفي أخبار الصيمري عشرة أبيات انظر ص 129. [3] رواه في تاريخ بغداد ص 182. [4] هنا انتهى ترجمة الإمام الرباني في م، س وكذا في تاريخ بغداد، فما بعده فمن الأصل وحده مربوط من قول الإمام الشافعيّ س 11 ص 202، ولذا وضعنا قبله نقاطا التمييز.