دهرا طويلا، وأشرف على القتل، ثم استتيب وأشهد عليه بالتوبة وأطلق، ولما تنبأ في بادية السماوة ونواحيها خرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قبل الإخشيدية فقاتله وأسره، وشرد من كان اجتمع إليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب، وحبسه في السجن دهرا طويلا، فاعتل وكاد أن يتلف حتى سئل في أمره فاستتابه، وكتب عليه وثيقة أشهد عليه فيها ببطلان ما ادعاه ورجوعه إلى الإسلام، وأنه تائب منه ولا يعاود مثله، وأطلقه. قال [1] : وكان قد تلا على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عليه، وكانوا يحكون له سورا كثيرة، منها: «والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، إن الكافر لفي أخطار، امض على سننك، واقف اثر من كان قبلك من المرسلين، فان الله قامع بك زيغ من ألحد في دينه، وضل عن سبيله» - قال: وهي طويلة. وقال ابو على بن أبى حامد: قال لي أبى: لولا جهله! أين قوله «امض على سننك» إلى آخر الكلام من قول الله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [2] 15: 94- 95 إلى آخرها! وهل تتقارب الفصاحة فيهما؟
أو يشبه الكلامان؟ وقيل: إنما قيل له المتنبي لبيت من الشعر قاله، وهو:
أنا في أمة تداركها الله ... غريب كصالح في ثمود
وكان قد طلب الأدب، وعلم العربية، ونظر في أيام الناس، وتعاطى قول الشعر من حداثته حتى بلغ فيه الغاية التي فاق فيها أهل عصره، [1] أي أبو الحسن محمد بن يحيى العلويّ الزيدي. [2] سورة الحجر آية رقم 94.