فقال لي: يا يعقوب! إني لأحفظ هذا الحديث قبل أن يجتمع أبواك فما عرفت تأويله حتى الآن. وقال جعفر بن ياسين: كنت عند المزني فوقف عليه رجل فسأله عن أهل العراق فقال له: ما تقول في أبى حنيفة؟
قال: سيدهم، قال: فأبو يوسف؟ قال: أتبعهم للحديث، قال: فمحمد بن الحسن؟ قال: أكثرهم تفريعا، قال: فزفر؟ قال: أحدّهم قياسا. وكان رجل يجلس إلى أبى يوسف فيطيل الصمت، فقال له أبو يوسف:
ألا تتكلم؟ فقال: بلى، متى يفطر الصائم؟ قال: إذا غابت الشمس، قال: فان لم تغب إلى نصف الليل؟ فضحك أبو يوسف وقال له:
أصبت في صمتك، وأخطأت أنا في استدعاء نطقك، ثم تمثل:
عجبت لارزاء العيى بنفسه ... وصمت الّذي قد كان للقول أعلما
وفي الصمت ستر للعيى وإنما ... صحيفة لب المرء أن يتكلما
ولد القاضي أبو يوسف سنة ثلاث عشرة ومائة، ومات في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين ومائة ببغداد [1]-[2] [1] قال هلال بن يحيى: كان أبو يوسف يحفظ التفسير والمغازي وأيام العرب، وكان أقل علومه الفقه، ورأى معروف الكرخي في منامه بعد موت أبى يوسف كأنه دخل الجنة فإذا قصر قد بنى وتم شرفه وجصص وعلقت أبوابه وستوره وتم أمره قال فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لأبي يوسف القاضي، فقلت لهم:
وبم نال هذا؟ فقالوا: بتعليمه الناس الخير وحرصه على ذلك وبأذى الناس له.
[2] قال ياقوت: (قاقون) حصن بفلسطين قرب الرملة، وقيل: هو من أعمال قيسارية من ساحل الشام، منها أبو القاسم عبد السلام بن أحمد بن أبى حرب القاقونى، إمام مسجد الجامع بقيسارية، يروى عنه سلامة بن منير المجدلي عن