بلد متى أذكره هيج لوعتي ... وإذا قدحت الزند طار شراره
استدعي منه في إحدى سفراته مشروب ليس فيه غير القتاد، ومحل الزناد، فبعثه وقرن به رمانتين وتفاحتين وكتب إليهم:
خذوها مثل ما استهديتموها ... عروسا لا تزف إلى اللئام
دونكم بها ثديي فتاة ... أضفت إليهما خدي غلام
وذكرت بهذه الحكاية ما ذكره الأصبهاني أن الحسن بن سهل استدعى من محمد بن عبد الملك مشروبا في بلاد الروم فبعث به وكتب معه: كامل مجزوء
أرأيت مثلي صاحباً ... أندى يدا وأعم جودا
يسقي النديم بقفرة ... لم يسق فيها الماء عودا
وأجود حين أجود لا ... حصرا بذاك ولا بليدا
خذها إليك كأنما ... كسيت زجاجتها عقودا
واجعل عليك بأن تقوم بشكرها أبداً عهودا
ولما ضيق المعتضد بالله على ابن عبد الله بقرمونة وسد مسالكه، وسدد إليه مهالكه، استدعى باديس بن حبوس، واستصرخه استصراخ الموثق المحبوس، رجاء أن ينفس عنه غصه، وينتهز في ابن عباد فرصة، فلما وصل باديس بن بوس إلى قرمونة أخرج إليه المعتضد جيشه قدمه ابنه لظافر، وقود منه أسوداً في المغافر، فلما التقى الجمعان، وارتقى ثنية بغية المعين والمعا،، حمل فيهم عسكر إشبيلية حملة خلعتهم عن مركزهم، وأدالتهم بالذل بم الظافر أحسن إيقاع، وتركهم مضرجين في تلك البقاع، وانصرف إلى إشبيلية وألويته تختال في أكف الرياح، وذوابله تكاد تنقصف من الارتياح فهنئ المعتضد بذلك، وقام ابن عمار ينشد هنالك: طويل
لا للمعالي ما تعيد وما تبدي ... وفي الله ما تخفيه عنا وما تبدي
نوال كما اخصر العذار وفتكة ... كما خجلت من دونه صفحة الخد
جنيت ثمار النصر طيبة الجنى ... ولا شجر غير المثقفة الملد
وقلدت أجياد البى رايق الحلى ... ولا درر غير المطهمة الجرد
بكل فتى عاري الأشاجع لابس ... إلى غمرات الموت محكمة السرد