الوشي ما خطه، وربما أزرى به أو حطه، والخبر يغنيه عن الخبر، ويعلمه بالعين لا بالأثر، والتبر تعلمه منيف القدر والأثر، فلا زلت كلفا بالإحسان، منصفاً من الزمان، إن شاء الله تعالى، وله أيضاً، أطال الله بقاء الأمير الأجل ناصر الدولة ومعز الملة، وأيده، وأعلى يده، الشفاعات أيدك الله على أقدار ملتحفيها، ولكل عندك منزلة يوافيها، ولما تأمل ذو الوزراتين الفاضل أبو الحسن العامري أبقاه الله مالك في الناس، من الطول والإيناس، بما جلبت عليه من شرف السجية، والهمم السنية، حتى مالت إليك الأهواء، وارتفع لك بالحمد اللواء، قصد ذراك، واعتقد اليمن في أن يراك، فيملأ من زهر العلي أجفانا، ومن نهر الندى جفانا، ويستبدل من صد الزمان إقبالا، ومن تهاون الأيام ابتهالا، وله قدم الوجاهة، وقدم النباهة، ويدل عليه بيانه، كما يدل على الجواد عنانه، وأرجو أن ينال بك الآمال غضة، والأيادي منك مبيضة، فأقوم عنه على منبر الثناء خطيبا، وأوقد على جمر الآلاء عودا رطيبا، لازلت للقاصدين ملاذا، وللراغبين معاذا، إن شاء الله تعالى، ولما حصل بمنت قوط معتقلا قام الوزير الأجل أبو بكر بن عبد العزيز في أمره وقعد وأبرق على ابن عمار وأرعد وخاطب المعتمد فيه شافعا، ووقف مناضلاً عنه ومدافعا، لم ينم عنه ولا أغفى، ولا استناب سواه في تخلصه ولا استكفى، فوقع الاتفاق على إخلاء جملة وكان قريبه أبو بكر بن موسى ممتنعا فيها وكانت في صدر مرسية شجا، وفي صباحها دجا، قد سدت مسالكها، وصدت سالكها، وروعت طارقها، وقطعت مرافقها، فأجاب ابن طاهر إلى تمكينهم من أزمتها، وإعطائها لهم برمتها بعد أن يحل من عقاله، ويخرج من موقع اعتقاله، وأعطى في ذاك عهودا، وموثقا وكيدا، وابن عبد العزيز قد واطاه على النكث، ورخص له في الخنث، ومهد له في فنائه موضعا، وأحله من سمائه مطلعا، فلما، حصل منجاه، وعلم أنه قد فاز بنجاه، ركب إلى بلنسية متجه، ورمى في أعينهم رهجه، فلما حل بجزيرة شقر وهي أول عمل الوزير الأجل كتب إليه، كتابي إليك وقد طفل العشي، ومال بنا إليك المطي، ولها من ذكراك حاد، ومن لقياك هاد، وسنوافيك المساء، فنغفر للزمان ما قد أساء، ونرد ساحة الأمن، ونشكر عظيم ذلك المن، فهذه النفس أنت مقيلها، وفي برد ظلك يكون ملقيها، فلله مجدك وما تأتيه، لازلت للوفاء تحييه ودانت لك الدنيا، ودامت لك العليا،