واتبع طيب الذكر أنه موجع ... فينفح هذا حيث هاتيك تلفحُ
وألقى بياض الصبح يسود وحشة ... فاحسبني أمسي على حين أصبحُ
ويوحشني ناع من الليل ناعب ... فازجر منه بارحا ليس يبرحُ
واستقبل الدنيا بذكر محمد ... فييقبح في عيني ما كان يملحُ
وأشفق من موت الصبا ثم أنني ... لآمل أن الله يعفو ويصفح
غلام كما استحسنت جانب هضة ... ولأن على طش من الماء أبطح
أقول وقد وافى كتاب نعيه ... يجمجم في ألفاظه فيصرّح
أرام باغمات يسدد سهمه ... فيرمي وقلب بالجزيرة يجرح
فيالغريب فاجأته منية ... أتته على عهد الشباب تجلح
كان لهيبا بين جنبي واقداً ... به وركابا بين جفني تمتح
جلست أسوم الدهر فيه ملامة ... وكنت كما قد قمت أثني وأمدح
غريقا ببحر الدمع واللهم والدجا ... لو كان بحراً واحداً كنت أسبح
ففي ناظري لليل مربط أدهم ... وفي وجنتي للصبح أشهب يجمح
إذا كان قصد الأنس بالألف وحشة ... فما أشتهي أني اسر فافرح
فيا عارضاً يستقبل الليل والبلا ... ويسري فيطوى الأطولين ويمسح
تحمل إلى قبر الغريب مزادة ... من الدمع تندى حيث سرت وتنضح
وطيب سلام يعبر البحر دونه ... فيندى وأزهار البطاح فتنفح
وعرج على قبر الحميم بنظرة ... تراه بها عني هناك وتلمح
وله في وردة طرأت في غير أوانها: [كامل]
وغريبة هشت إلي غريرة ... فوددت لو نسخ الضياء ظلاما
طرأت علي مع المشيب تشوقني ... شيخاً كما كانت تشوق غلاما
مقبولة أقبلتها عن لوعة ... نظراً يكون إذا اعتبرت كلاما
عذرت وقد أجللتها عن نشوة ... كبرا وأوسعت الزمان ملاما
عبقت وقد حنّ الربيع على النوى ... كرما فأهداها إليّ سلاما
وكانت بضفة الجزيرة أيكتر يانعة وكان هو ومن يهواه يقعدان لديها، ويوسدان خدودهما أبرديها، فمر بها ومحبوبه قد طواه الردى، ولواه عن ذلك المنتدى، فتذكر ذلك العهد وجماله، وأنكر صبره لفقده واحتماله، فقال: [طويل]