العامة فلم أزل في جفوة منه في الخاصة وسوء رأي ويتأدي إلي عنه أشياء وأشاهد بما يظهر منه إلي أن استتممت ست عشرة [1] سنة وصح عندي رغبة أم محمد في الرشيد وعلمت أنها لا تصلح لي فطلقتها فلم يكن بين تطليقي إياها وبين ابتناء الرشيد بها إلا مقدار العدة ثم رجع لي الرشيد إلى ماكنت أعهده من بره ولطفه قبل ذلك وحدثني إبراهيم بن المهدي أن تطليقة أم محمد ابنة صالح بن المنصور وعقد الرشيد نكاحها لنفسه بعده أسكنا قلبه غمرا [2] على الرشيد خامره فكان لا يستحسن له حسنا ولا يشكر له فعلا جميلا يأتيه إليه وكان الرشيد قد تبين ذلك منه فكانت تعطفه عليه الرحم ويصلح ذلك له جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك إلى أن دخل إبراهيم في سنة ثماني عشرة سنة من مولده فلما دخل في أول السنة رأى فيما يرى النائم في ليلة سبت قد كان يريد بالغلس الركوب إلى الرشيد إلى الحلبة في صبيحتها بقصره في ظهر الرافقة فيما يرى النائم المهدي في النوم فكأنه قال له كيف حالك يا إبراهيم فأجابه وكيف يكون حال من خليفتك عليه هارون إلا شر حال ظلمني حقي من ميراثك وقطع رحمي ولم يحفظني لك واستنزلني عن ابنة عمي فكأنه يقول لي لقد اضطغنت عليه أشياء أقل منها يضغن وشر من قطيعة الرحم الاضطغان على ذوي الأرحام فما تحب الان أن أفعل به فقلت تدعو الله عليه فكأنه تبسم من قولي ثم قال اللهم أصلح ابني هارون اللهم أصلح عبدك هارون قال إبراهيم فكأني حزنت من دعائه له بالصلاح فبكيت وقلت يا أمير المؤمنين أسألك أن تدعو الله عليه فتدعو له قال فكأنه يقول لي إنما ينبغي للعبد أن يدعو بما ينتفع به ويرجو فيه الإجابة وإن دعوت الله عليه فاستجاب لي لم ينفعك ذلك وقد دعوت الله له بالصلاح وإن استجيب دعائي بصلاحه صلح لك فانتفعت به ثم ولى عني ثم التفت إلي فقال لي قد استجيبت الدعوة وهو قاض عنك دينك [1] بالاصل: سنة عشر [2] الغمر: الحقد (القاموس)