للتفصيلات التي تحفل بها المراجع المختلفة، مكتفين بما يساعد على توضيح اتجاهات الفتوح، ويربط بينها وبين الأحادث التي جرت في مركز الدولة الإسلامية أو قريبا منها، مع الاستعانة بالخرائط التوضيحية التي تعرف بمواقع الأحداث. ونبدأ أولا بالحديث عن الفتوحات في الجبهة الشرقية، ثم في الجانب البيزنطي ثم الشمال الإفريقي، وشبه الجزيرة الإيبيرية "إسبانيا" وجنوب فرنسا.
أولًا: الفتوحات في الشرق
مدخل
...
أولا: الفتوحات في الشرق
تشمل الجبهة الشرقية للدولة الإسلامية المناطق الواقعة شرق العراق. وقد اتسمت الأمم التي كانت تقطن تلك المناطق بالتعدد جنسا وحضارة، وإن اتفقت جميعها في الوثنية.
وكان المسلمون حتى خلافة عثمان -رضي الله عنه- قد أتموا فتح البلاد التي تقع بين العراق ونهر "جيحون" "وهو نهر آموداريا الذي يقع -الآن- على الحدود بين تركمانستان وأزبكستان" أي كل أقاليم دولة إيران الساسانية، وتضم منطقة الجبال و""الري"، و"جرجان" و"طبرستان" و"وقوهستان" و"خراسان" و"فارس" و"كرمان" و"مكران" و"سجستان". فلما استشهد عثمان -رضي الله عنه- ووقعت الفتنة تعثرت الفتوح، وخرج أهل هذه البلاد عن الطاعة، حتى إذا التأمت جماعة المسلمين أخذت الدولة الأموية تبذل جهودا بالغة لإعادة البلاد المفتوحة إلى الطاعة، وكانت مهمة معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- العاجلة في الشرق فور توليه الخلافة هي تدعيم القوة الإسلامية، وإعادة توطيد أقدام المسلمين هناك، وقد نجحت الدولة الإسلامية في عهده في فتح معظم "خراسان" على يد أميرها عبيد الله بن زياد، وكان معاوية قد ولاه على البصرة والكوفة "53-59هـ"، وعمل هذا الأمير على مد حركة الفتح إلى بلاد ما وراء النهر، وغزا "بيكند" و"بخارى" من بلاد الصغد، واضطرهما إلى دفع الجزية، ثم قف راجعا إلى البصرة. ويبدو أنه أقم على عبور نهر "جيحون" إلى ما ورائه من البلاد بعد أن أسلمت خراسان قيادها للمسلمين وعز فيها الإسلام.
وقد كانت هذه الفتوحات في المنطقة الشرقية تسير في خطين:
أحدهما: شمالي إلى بلاد ما وراء النهر.
والآخر: جنوبي إلى بلاد السند.