المحيط الأطلسي، ثم عبروا المضيق الذي عرف بـ "جبل طارق" إلى القاهرة الأوروبية ففتحوا إسبانيا، ووصلوا إلى نهر "اللورين" جنوبي فرنسا.
ويعتبر النشاط الحرب خلال العصر الأموي من الصفحات المشرقة في تاريخ الأمويين، وعملا من أعمال البطولة والمجد تحسب لدولتهم، وتعطي لها أهمية بالغة، ومكانة مرموقة في التاريخ الإسلامي، بل نكاد نقول: إن الأعمال الحربية التي خاضها القادة العظام في عصر الخلافة الأموية -سواء أكانوا من البيت الأموي "كمحمد بن مروان، وابنه مروان، ومسلمة بن عبد الملك" أم من غير الأمويين "كعقبة بن نافع، وموسى بن نصير، ومولاه طارق بن زياد، وقتيبة بن مسلم" ومحمد بن القاسم، وغيرهم"- تعد علامة بارزة في الفن العسكري العالمي، فلقد حقق هؤلاء القادة المجاهدون ما يشبه الخوارق بمقياس عصرهم، إذ تمكنوا -من خلال زمن وجيز- من الانتشار في أرجاء العالم المعروف آنذاك[1].
وقد توزعت فتوحات الدولة الأموية على ثلاث جبهات كبرى في وقت واحد، مما يدلل على أن السياسة الحربية الفتحية كانت هي نشاط الأمويين الأساسي:
وأول هذه الجبات: "بيزنطة" باعتبارها مركز القوة الرئيسية التي كانت ولا تزال في موقف التهديد المباشر لبلاد الإسلام في المجالين البري والبحري على السواء.
وثانيهما: في اتجاه الشمال الإفريقي "بلاد المغرب"، وهو ميدان بيزنطي أيضا في صبغته الرسمية، وإن تجرد من القدرة على التهديد المباشر للنفوذ الإسلامي، وتميز بوجود عامل جديد مؤثر، هو العامل المحلي المتمثل في "البربر" سكان البلاد الأصليين.. وانطلاقا من هذا الميدان امتدت جهود الفاتحين إلى "شبه جزيرة إيبيريا" "إسبانيا" وجنوب فرنسا.
أما الميدان الثالث: فكان في اتجاه الشرق: الشمالي والجنوبي، حيث مواطن الأتراك والهنود وبقايا الفرس.
وفي الصفحات الآتية حديث موجز عن هذه الميادين الحربية، دون التعرض [1] د. محمد محمد عامر: عصر الخلافة الأموية بداية التغييرات في التاريخ الإسلامي "ص162" ط القاهرة 1982م.