هيهات أن أفارقك ثم أسأل الركبان عن خبرك. لا يكون والله هذا أبدا، ولا أفارقك، ثم حمل على القوم فقاتل حتى قتل رحمة الله عليه ورضوانه.
قال: وجعل الحسين يطلب الماء، وشمر- لعنه الله- يقول له: والله لا ترده أو ترد النار، فقال له رجل: ألا ترى إلى الفرات يا حسين كأنه بطوان الحيات، والله لا تذوقه أو تموت عطشا، فقال الحسين: اللهم أمته عطشا.
قال: والله لقد كان هذا الرجل يقول: اسقوني ماء، فيؤتى بماء، فيشرب حتى يخرج من فيه وهو يقول: اسقوني، قتلني العطش، فلم يزل كذلك حتى مات «1» .
قال أبو مخنف: فحدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال:
لما اشتد العطش على الحسين دعا أخاه العبّاس بن علي، فبعثه في ثلاثين راكبا وثلاثين راجلا، وبعث معه بعشرين قربة، فجاءوا حتى دنوا من الماء فاستقدم أمامهم نافع بن هلال الجملي، فقال له عمرو بن الحجاج: من الرجل؟
قال: نافع بن هلال، قال: مرحبا بك يا أخي ما جاء بك؟ قال: جئنا لنشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه، قال: اشرب، قال: لا والله لا أشرب منه قطرة والحسين عطشان. فقال له عمرو: لا سبيل إلى ما أردتم، إنما وضعونا بهذا المكان لنمنعكم من الماء، فلما دنا منه أصحابه قال للرجالة: املئوا قربكم، فشدت الرجالة فدخلت الشّريعة فملأوا قربهم، ثم خرجوا، ونازعهم عمرو بن الحجاج وأصحابه، فحمل عليهم العباس بن علي، ونافع بن هلال الجملي «2» جميعا، فكشفوه، ثم انصرفوا إلى رحالهم، وقالوا للرجالة: انصرفوا. فجاء أصحاب الحسين بالقرب حتى أدخلوها عليه.
قال المدائني: فحدثني أبو غسان، عن هارون بن سعد، عن القاسم بن الأصبغ ابن نباتة، قال: