عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة عن سعيد بن ثابت، قال:
لما برز علي بن الحسين إليهم، أرخى الحسين- صلوات الله عليه وسلامه- عينيه فبكى، ثم قال: اللهم كن أنت الشهيد عليهم، فبرز إليهم غلام أشبه الخلق برسول الله (ص) ، فجعل يشد عليهم ثم يرجع إلى أبيه فيقول: يا أباه، العطش، فيقول له الحسين: اصبر حبيبي فإنك لا تمسي حتى يسقيك رسول الله (ص) بكأسه، وجعل يكر كرّة بعد كرّة، حتى رمى بسهم فوقع في حلقه فخرقه، وأقبل ينقلب في دمه، ثم نادى: يا أبتاه عليك السلام، هذا جدّي رسول الله (ص) يقرئك السلام، ويقول: عجّل القدوم إلينا، وشهق شهقة فارق الدنيا.
قال أبو مخنف: فحدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال:
أحاطوا بالحسين عليه السلام، وأقبل غلام من أهله نحوه، وأخذته زينب بنت علي لتحبسه، فقال لها الحسين: احبسيه، فأبى الغلام، فجاء يعدوا إلى الحسين، فقام إلى جنبه، وأهوى أبحر بن كعب بالسيف إلى الحسين، فقال الغلام لأبجر: يا ابن الخبيثة أتقتل عمي؟ فضربه أبجر بالسيف، واتقاه الغلام بيده فأطنّها إلى الجلد. وبقيت معلقة بالجلد، فنادى الغلام: يا أماه، فأخذه الحسين فضمّه إليه، وقال: يا ابن أخي احتسب فيما أصابك الثواب، فإن الله ملحقك بآبائك الصالحين، برسول الله (ص) ، وحمزة، وعلي، وجعفر، والحسن عليهم السلام «1» .
قال: وجاء رجل حتى دخل عسكر الحسين، فجاء إلى رجل من أصحابه فقال له: إن خبر ابنك فلان وافى، إن الديلم أسروه، فتنصرف معي حتى نسعى في فدائه، فقال: حتى أصنع ماذا؟ عند الله أحتسبه ونفسي، فقال له الحسين: انصرف وأنت في حل من بيعتي، وأنا أعطيك فداء ابنك. فقال: