وكان عامله على مصر، فلما قدم إفريقية كتب إليه أهل الأندلس وأهل الشأم وغيرهم يسألونه أن يبعث إليهم واليا، فبعث أبا الخطّار، فلما قدمها أدّوا إليه الطاعة، فوليها ودانت له، وفرق جمع بلج بن بشر وعبد الرحمن بن حبيب، وأخرج ثعلبة بن سلامة فى سفينة إلى إفريقية، ثم أخرج بعده عبد الرحمن بن حبيب، وأخرج مع ثعلبة أهل الشأم، فكانوا بالقيروان مع حنظلة.
ثم إن حنظلة بن صفوان أخرج عبد الرحمن بن عقبة الغفارى إلى عكّاشة بن أيّوب الفزارى، وقد جمع جمعا بعد انهزامه من قابس، فلقيه بمن معه، فانهزم الفزارى وقتل عامّة أصحابه، ثم جمع أيضا فلقيه عبد الرحمن بن عقبة فهزمه، ثم جمع جمعا آخر، وقدم عبد الواحد بن يزيد الهوّارى ثم المدهمى وكان صفريّا مجامعا للفزارى على قتال حنظلة بن صفوان، فخرج إليهما عبد الرحمن بن عقبة فى أهل إفريقية، فقتل عبد الرحمن بن عقبة وأصحابه، وكان مقتل عبد الرحمن بن عقبة كما حدثنا يحيى ابن بكير، عن الليث، فى سنة أربع وعشرين ومائة.
ثم مضى عبد الواحد بن يزيد فأخذ تونس واستولى عليها، وسلّم عليه بالخلافة، ثم تقدّم إلى القيروان، وانتبذ الفزارىّ بعسكره ناحية وكلاهما يريد القيروان يتبادران إليها أيّهما يسبق صاحبه فيغنم، فلمّا رأى حنظلة ما غشيهم من جموع البربر مع الفزارى وعبد الواحد احتفر على القيروان خندقا، وزحف إليهم عبد الواحد، وكتب إلى حنظلة يأمره أن يخلّى له القيروان ومن فيه، فأسقط فى أيديهم، وظنّوا أنهم سيسبوا، حتى إن كان حنظلة ليبعث الرسول «1» منهم «2» ليأتيه بالخبر فما يخرج إلى مسيرة ثلاثة أميال «3» إلّا بخمسين دينارا.
فلما غشيه عبد الواحد وكان من القيروان على شبيه بمرحلة بمكان يقال له الأصنام، ونزل الفزارى من القيروان على ستّة أميال، وكان مع عبد الواحد أبو قرّة العقيلى وكان على مقدّمته، فكتب حنظلة إلى الفزارى كتابا يرثّيه «4» فيه ويمنّيه، رجاء ألا يجتمعا عليه فلا يقوى عليهما، وخاف اجتماعهما.