خليفة كلثوم، وشهد له بذلك ثعلبة الجذامى وأصحابه، وكان الرسول فيما بينهما قاضى الأندلس، فسلّم عبد الملك بن قطن الولاية لبلج على كره من عبد الرحمن بن حبيب، فخرج عبد الرحمن من قرطبة كارها لولاية بلج.
ثم إنّ بلجا لمّا قدم قرطبة حبس عبد الملك بن قطن فى السجن، وثار عبد الرحمن ابن حبيب ومعه أميّة بن عبد الملك بن قطن، فجمعا لقتال بلج، فأخرج بلج عبد الملك ابن قطن من السجن، وقال له: قم فى المسجد فأخبر الناس أن كلثوما كتب إليك أنى خليفته، فقام عبد الملك فقال: أيّها الناس، إنّى والى كلثوم وإنى محبوس بغير حقّ، فضرب بلج عنقه.
ثم قدم عبد الرحمن بن حبيب بجموع، فخرج إليه بلج ومن معه من أهل الشأم، وكان بينهم نهر، فلمّا كان الليل عبر عبد الرحمن إلى قرطبة، وخليفة بلج بها القاضى، وقد كان القاضى اتّهم بدم عبد الملك بن قطن، فأخذه عبد الرحمن بن حبيب فسمل عينيه، وقطع يديه ورجليه، وضرب عنقه وصلبه على شجرة، وجعل على جثّته رأس خنزير، وبلج لا يشعر، ثم خرج من قرطبة فقاتله بلج، فانهزم عبد الرحمن بن حبيب، ثم جمع جمعا آخر فقتل بلج ومن معه.
ويقال إن بلجا لم يقتل، إنما مات موتا.
حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: مات بلج فى سنة خمس وعشرين ومائة، بعد قتله ابن قطن بشهر.
ثم افترق أهل الأندلس على أربعة أمراء، حتى أرسل إليهم حنظلة بن صفوان الكلبى بأبى الخطّار الكلبى فجمعهم، وسأذكر ذلك فى موضعه إن شاء الله.
وقد كان كلثوم بن عياض كتب إلى عامله على أطرابلس صفوان بن أبى مالك يستمدّه، فخرج إليه بأهل أطرابلس حتى قدم قابس، فانتهى إليه خبر كلثوم ومن معه، فانصرف، وقد كان خرج إليه سعيد بن بجرة ومن تحصّن معه من أصحاب مسلمة ابن سوادة الجذامى، وتنحّى الفزارى إلى نهر يقال له الجمّة على اثنى عشر ميلا من قابس، فلما رجع صفوان بن أبى مالك تحصّن سعيد بن بجرة وأصحابه بقابس. وخرج عبد الرحمن بن عقبة الغفارى فى أهل القيروان إلى الفزارى، فلقيه فيما بين قابس وبين القيروان، فانهزم الفزارى وقتل عامّة أصحابه.
ثم وجّه هشام بن عبد الملك حنظلة بن صفوان فى صفر سنة أربع وعشرين ومائة،