نام کتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام نویسنده : التقي الفاسي جلد : 1 صفحه : 40
والتساهل الذي في كلام الحازمي يلزم مثله في كلام ابن خرداذبه على مقتضى قول النووي، وقد يقال: لا تساهل في كلام الحازمي؛ لأنه لا يلزم من قولهم إن نجران من مخاليف مكة من صوب اليمن أن يكون نجران من الحجاز، لجواز أن تكون مخاليف مكة في الحجاز واليمن، وأن سبب عد نجران وما دونها إلى مكة في مخاليف مكة كون ولاية والي مكة فيما مضى كانت تمتد إلى ذلك، وهذا لا مانع منه، لأن المأمون العباس ولَّى داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس العباسي مكة والمدينة، وأضاف إليهما بلاد عك، ولعل ذلك اتفق لغيره من ولاة مكة العباسيين، ويتأيد ما ذكرناه بما ذكره ابن خرداذبة في مخاليف مكة، والله أعلم.
وكأن النووي - رحمه الله- توهم أن بعد نجران من مكة لكونها باليمن يخرجها عن أن تكون من أعمال مكة وليس كذلك، لأن مجرد القرب من مكة لا يقتضي أن يعد في أعمال مكة ما هو أقرب إليها من نجران، كخُلَّيْصٍ مثلا لأن خُلَّيْصًا[1] لم تعد في أعمال مكة، وهي منها على يومين، وذكروا أن منتهى عمل مكة من جهتها: جنابذ بن صيفي، بين عسفان ومر الظهران كما سيأتي إن شاء الله تعالى في كلام الفاكهي، وليست جنابذ بن صيفي معروفة الآن.
وإذا كان مجرد القرب من مكة ليس موجبا لعد ما قرب منها من أعمالها، فالظاهر أن المراعَى في عد ما ذكره العلماء في أعمال مكة، وإن كان بعيدا عنها كثيرا، كون ولاية والي مكة -فيما مضى- شملت ذلك: فيقبل من الفاكهي، وابن خرداذبه، وغيرهم، ما ذكروه في أعمال مكة، وإن كان بعيدا جدا عنها لكونه في أطراف الحجاز وبلاد اليمن، كنجران، وعك، وغير ذلك، والله أعلم.
وذكر الفاكهي شيئا مفيدا في مخاليف ونص ما ذكره: ذكر حدود مخاليف مكة ومنتهاها، وتفسير ذلك: وأعمال مكة ومخاليفها كثيرة، ولها أسماء نقصر عن ذكرها لاختصار الكتاب، ولكنا نذكر منتهى حدودها التي تنتهي إليه، فآخر أعمالها مما يلي طريق المدينة موضع يقال له: جنابذ بن صيفي فيما بين عسفان ومر، وذلك على يوم وبعض يوم، وآخر أعمالها مما يلي طريق الجادة في طريق العراق: الغمير[2]، وهو قريب
1 "خليص" قرية في طريق المدينة المنورة بعد عسفان، وهي مشهورة بهذا الاسم إلى الآن. وقال ياقوت في معجم البلدان 2/ 387: "هو حصن بين مكة والمدينة". [2] المراد بالجادة: طريق الحاج العراقي المعروفة "بالمتقى" الذي هو "درب زبيدة". وذات عرق تبعد عن مكة حوالي "100كم" وتسمى اليوم "الضريبة" وهي مهجورة، وأما "الغمير" فهو أحد الأودية التي تصب في نخلة الشامية، وقد ذكره الحربي في المناسك "ص: 351- 352 فذكر أن من ذات عرق إلى الغمير: سبعة أميال. ومن الغمير إلى قبر أبي رغال: ميلان. ثم قال: وبالغمير عين جارية وبركة يجتمع فها ماء العين. وحوانيت كثيرة خراب، وأما "البلادي" في معجم معالم الحجاز 1/ 171 فرجح أن اسم الغمير حول اليوم إلى اسم "الباثة".
نام کتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام نویسنده : التقي الفاسي جلد : 1 صفحه : 40