نام کتاب : شذرات الذهب في أخبار من ذهب نویسنده : ابن العماد الحنبلي جلد : 4 صفحه : 212
وكان منفردا بنفسه، لا يجالس الناس، وكان مدة مقامه بدمشق لا يكون غالبا إلا في مجتمع المياه ومشتبك الرياض [1] ويؤلف هناك كتبه، ويأتيه المشتغلون عليه. وكان أكثر تصانيفه فصولا وتعاليق، ويوجد بعضها ناقصا مبتورا، وكان أزهد الناس في الدّنيا، لا يحتفل بأمر مكسب ولا مسكن، وأجرى عليه سيف الدولة من بيت المال كل يوم أربعة دراهم، وهو الذي اقتصر على القناعة [2] . ولم يزل على ذلك إلى أن توفي بدمشق، وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من خواصه، وقد ناهز ثمانين سنة، ودفن بظاهر دمشق، خارج باب الصغير.
وتوفي متّى بن يونس ببغداد في خلافة الراضي، هكذا حكاه ابن صاعد القرطبي في «طبقات الأطباء» .
والفارابيّ: بفتح الفاء والراء، وبينهما ألف، وبعد الألف الثانية [3] باء موحدة، نسبة إلى فاراب، وتسمى في هذا الزمان أترار [4] ، وهي مدينة فوق الشّاش، قريبة من مدينة بلاساغون، وجميع أهلها على مذهب الشافعي، رضي الله عنه، وهي قاعدة من قواعد مدن التّرك، ويقال لها: فاراب الداخلة، ولهم فاراب الخارجة، وهي في أطراف بلاد فارس. انتهى ما أورده ابن خلّكان ملخصا.
وبالجملة فأخباره وعلومه وتصانيفه كثيرة شهيرة، ولكن أكثر العلماء على كفره وزندقته، حتّى قال الإمام الغزالي في كتابه «المنقذ من الضلال والمفصح عن الأحوال» [5] : لا نشك في كفرهما، أي الفارابي وابن سينا. [1] في «وفيات الأعيان» (5/ 156) : «إلا عند مجتمع ماء أو مشتبك رياض» . [2] في «وفيات الأعيان» : «وهو الذي اقتصر عليها لقناعته» . [3] لفظة «الثانية» لم ترد في الأصل وأثبتها من المطبوع. [4] في «وفيات الأعيان» : «أطرار» وكلاهما صواب. انظر «معجم البلدان» (1/ 218) . [5] انظر صفحة (47) من طبعة الدار التونسية للنشر، والمؤسسة الوطنية للكتاب في الجزائر، بتحقيق الأستاذ عبد الكريم المراق، وقد نقل المؤلف عنه باختصار وتصرف.
نام کتاب : شذرات الذهب في أخبار من ذهب نویسنده : ابن العماد الحنبلي جلد : 4 صفحه : 212