نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 78
وفي سنة 486 م غزا شمال فرنسا وانتزعه من يد الحاكم الروماني سباجريوس، وكان قد أقام به دولة مستقلة، ثم حارب قبائل " الألماني " القاطنة شرق نهر الرين، وافتتح أراضيها حتى بافاريا. وفي سنة 507 م حارب كلوفيس القوط، وكانوا قد استقروا كما قدمنا في القسم الجنوبي من فرنسا المسمى بغاليا (أو غاليس) وقتل ملكهم ألاريك، واستولى على الأراضي الواقعة ما بين اللوار والبرنيه، عدا ولاية سبتمانيا (لانجدوك) التي بقيت في يد القوط. واعتنق كلوفيس النصرانية وأذاعها بين قبائله الوثنية، وجعل باريس مقر ملكه الشاسع، وبذا قامت مملكة الفرنج القوية أصل فرنسا الحديثة. وتابع أبناء كلوفيس وخلفاؤه من بعده سياسة الفتح، وافتتحوا برجونية وأواسط ألمانيا وشمالي إيطاليا. ثم وقعت الحرب الأهلية حينا بين أمراء الفرنج الذين اقتسموا تراث كلوفيس، حتى جاء كلوتير الثاني سنة 613 م فبسط سلطانه على غاليس كلها (فرنسا) [1]، واستأنف الفتح لإخضاع باقي الإمارات الفرنجية الواقعة شرقي الرين. وسار ولده داجوبيرت في أثره، وجمع كلمة الفرنج تحت لواء واحد، وغلبت سلطة الفرنج على ألمانيا الغربية ثانية، وهذبت النصرانية التي جاهد في إذاعتها الفرنج بين هذه القبائل المتوحشة، كثيراً من خشونتها، وقضت على كثير من رسومها الوثنية.
ولكن داجوبيرت كان آخر ملك من الفرنج الميروفنجية - أسرة كلوفيس [2] - استطاع أن يقبض على زمام السلطة المركزية بيد قوية. ذلك أن نظام الإقطاع والعشائر، كان يسود هذه المملكة الشاسعة، وكانت جمهرة من الأمراء والدوقات والكونتات تتقاسم السلطة في مختلف الولايات والأنحاء، وكلما ضعف سلطان العرش اشتد نفوذ أولئك الزعماء المحليين.
وكان أولئك الزعماء قد استطاعوا خلال العصور المتعاقبة، أن يحدوا تباعا من سلطة العرش، وأن يحرزوا لأنفسهم كثيرا من الامتيازات والسلطات، فلما جاء كلوفيس استطاع بعزمه وصرامته، أن يقبض على السلطة المركزية بيد قوية، وأن يبسط على مملكة الفرنج كلها سلطانا مطلقا، واستطاع بعض خلفائه [1] تطلق كلمة غاليس في الرواية الإسلامية على جنوب فرنسا، وهي تعريب حسن لكلمة Gaule أو Gaulia ( راجع ابن الأثير ج 4 ص 213). وتسمى فرنسا أيضا في الجغرافية العربية بالأرض الكبيرة. [2] The Merovingians، نسبة إلى مؤسس أسرتهم الملك مرفيج جد كلوفيس.
نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 78