نام کتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية نویسنده : طقوش، محمد سهيل جلد : 1 صفحه : 48
الإسلام، كما كتب إلى أهل نجران، وإلى عربهم وساكني الأرض من غير العرب -الأبناء- فانضم جماعة منهم إلى دعوته، وأرسل الحارث بن عبد الله الجهني إلى اليمن بمهمة تتعلق بأحداثه[1].
لكن جهود هؤلاء لم تثمر في وضع حد لانتفاضة الأسود العنسي، ولا تعطي المصادر صورة واضحة عن جهودهم، ومحاولاتهم للقضاء عليه، وكان آخر من أرسله النبي هو وبر بن يحنس الأزذي، ومعه كتاب إلى المسلمين في اليمن يأمرهم فيه بالقيام على دينهم، والنهوض في الحرب، والقضاء على الأسود العنسي، إما غيلة أو مصادمة، وأن يستعينوا على ذلك بمن يرون عنده نجدة ودينًا[2]، واكتفى من أمر اليمن بهذا، ووجه معظم اهتمامه لتنظيم جيش أسامة، وإرساله إلى بلاد الشام.
وسرعان ما ضايقت تحركات المسلمين الأسود العنسي فشعر بالهلاك، على أن الخطر الذي عصف به، وقضى عليه جاء من الداخل، فقد اتصل وبر بن يحنس، فور وصوله إلى اليمن، بالأبناء ليبلغهم طلب النبي محمد، ولم يتوجه إلى المسلمين من حمير وغيرها، علمًا بأن معظم هؤلاء الأبناء كانوا لا يزالون على المجوسية، ولم ترد إشارة إلى إسلامهم قبل هذا التاريخ، حتى إن الروايات التاريخية تذكر بأنه نزل عند داذويه، وكان من حاشية الأسود العنسي، يضاف إلى ذلك، لم يكن الأبناء مؤهلين لأن يؤدوا دورًا فاعلًا ضد الأسود العنسي. بعد أن فقدوا قوتهم عندما فشلوا في الدفاع عن صنعاء، ويحدد ابن سعد تاريخ إرسال وبر بن يحنس في عام "10هـ/ 630م"، أما الطبري فيذكر أنه أرسل في عام "11هـ/ 632م"[3].
والراجح أن هذا المنحى الذي انتهجه وبر بن يحنس للتخلص من الأسود العنسي مرده إلى عدة أسباب لعل أهمها:
- أراد أن يحيك مؤامرة للتخلص منه بوساطة مستشاريه، وأعوانه المقربين منه.
- استبعد الخيار العسكري بعد أن خشي نتيجة الصدام المسلح نظرًا لعدم توازن القوتين، إذ كان الأسود العنسي متفوقًا عسكريًا.
- لقد حصل في ذلك الوقت نفور بين الأسود العنسي، ومستشاريه بفعل اعتداده بنفسه، واستخفافه بقيس بن هبيرة، وفيروز وداذويه، كما شك في ولائهم له، ورأى في سائر الفرس أنهم أعداؤه، ويأتمرون لقتله، فاستغر وبر بن يحنس هذا التطور للقضاء عليه. [1] الطبري: ج3 ص187. [2] المصدر نفسه: ص231. [3] المصدر نفسه، طبقات ابن سعد: ج5 ص388.
نام کتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية نویسنده : طقوش، محمد سهيل جلد : 1 صفحه : 48