وحسابه على الله". فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال وقد قال: "إلا بحقها". قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. أخرجه الشيخان وغيرهما[1].
وعن عروة قال: خرج أبو بكر في المهاجرين والأنصار حتى بلغ نقعًا حذاء نجد، وهربت الأعراب بذراريهم، فكلم الناس أبا بكر، وقالوا: ارجع إلى المدينة وإلى الذرية والنساء، وأَمّر رجلاً على الجيش، ولم يزالوا به حتى رجع، وأَمّر خالد بن الوليد، وقال له: إذا أسلموا وأعطوا الصدقة، فمن شاء منكم أن يرجع فليرجع، ورجع أبو بكر إلى المدينة.
وأخرج الدارقطني عن ابن عمر قال: لما برز أبو بكر واستوى على راحلته أخذ علي بن أبي طالب بزمامها، وقال: إلى أين يا خليفة رسول الله؟ أقول لك ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد: "شم سيفك ولا تفجعنا بنفسك"، وارجع إلى المدينة فوالله لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدًا[2].
وعن حنظلة بن علي الليثي أن أبا بكر بعث خالدًا وأمره أن يقاتل الناس على خمس، من تر ك واحدة منهن قاتله كما يقاتل من ترك الخمس جميعًا: على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، وسار خالد ومن معه في جمادى الآخرة، فقاتل بين أسد، وغطفان، وقتل من قتل وأسر من أسر ورجع الباقون إلى الإسلام، واستشهد بهذه الواقعة من الصحابة عكاشة بن محصن، وثابت بن أقرم. وفي رمضان من هذه السنة ماتت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيدة نساء العالمين، وعمرها أربع وعشرون سنة.
قال الذهبي: وليس لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- نسب إلا منها، فإن عقب ابنته زينب انقرضوا، قاله الزبير بن بكار، وماتت قبلها بشهر أم أيمن، وفي شوال مات عبد الله بن أبي بكر الصديق.
ثم سار خالد بجموعه إلى اليمامة لقتال مسيلمة الكذاب في أواخر العام، والْتَقَى الجمعان، ودار الحصار أيامًا، ثم قتل الكذاب لعنه الله، قتله وحشي قاتل حمزة.
واستشهد فيها خلق من الصحابة، أبو حذيفة بن عتبة، وسالم مولى أبي حذيفة، وشجاع بن وهب، وزيد بن الخطاب وعبد الله بن سهل، ومالك بن عمرو، والطفيل بن عمرو الدوسي، ويزيد بن قيس، وعامر بن البكير، وعبد الله بن مخرمة، والسائب بن عثمان بن مظعون، وعباد بن بشر، ومعن بن عدي، وثابت بن قيس بن شماس، وأبو دجانة سماك بن حرب، وجماعة آخرون تتمة سبعين.
وكان لمسيلمة يوم قتل مائة وخمسون سنة ومولده قبل مولد عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم [1] أخرجه البخاري "1400،1399/3"، ومسلم "20/1". [2] أخرجه البخاري الدارقطني في غرائب مالك "14158/5 كنز".