أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق، أيها الناس إنما أنا متبع، ولست بمبتدع، فإذا أحسنت فأعينوني، وإن أنا زغت فقوموني، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم[1].
قال مالك: لا يكون أحدًا إمامًا أبدًا إلا على هذا الشرط.
وأخرج الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ارتجت مكة، فسمع أبو قحافة ذلك، قال: ما هذا؟ قالوا: قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أمر جلل فمن قام بالأمر بعده؟ قالوا: ابنك، قال: فهل رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو المغيرة؟ قالوا: نعم، قال: لا واضع لما رفعت، ولا رافع لما وضعت.
وأخرج الواقدي من طرق عن عائشة، وابن عمر، وسعيد بن المسيب، وغيرهم -رضي الله عنهم- أن أبا بكر بويع يوم قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة[2].
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال: لم يجلس أبو بكر الصديق في مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر حتى لقي الله، ولم يجلس عمر في مجلس أبي بكر حتى لقي الله، ولم يجلس عثمان في مجلس عمر حتى لقي الله[3].
فصل: فيما وقع في خلافته
والذي وقع في أيامه من الأمور الكبار: تنفيذ جيش أسامة، وقتال أهل الردة، ومانعي الزكاة، ومسيلمة الكذاب، وجمع القرآن.
أخرج الإسماعيلي عن عمر -رضي الله عنه- قال: لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ارتد من ارتد من العرب وقالوا: نصلي ولا نزكي، فأتيت أبا بكر فقلت: يا خليفة رسول الله! تألف الناس وارفق بهم فإنهم بمنزلة الوحش، فقال: رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك، جبارًا في الجاهلية خوارًا في الإسلام، بماذا عسيت أن أتألفهم؟ بشعر مفتعل أو بسحر مفترى؟ هيهات هيهات! مضى النبي -صلى الله عليه وسلم- وانقطع الوحي، والله لأجاهدنهم ما استمسك السيف في يدي وإن منعوني عقالاً، قال عمر: فوجدته في ذلك أمضى مني وأحزم وأدب الناس على أمور هانت على كثير من مؤنتهم حين وليتهم.
وأخرج أبو القاسم البغوي، وأبو بكر الشافعي في فوائده، وابن عساكر عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- اشرأب النفاق، وارتدت العرب، وانحازت الأنصار، فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضها، فما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بفنائها [1] أخرجه ابن سعد في الطبقات "169/2". [2] أخرجه الحاكم في المستدرك "245/3" وقال الحاكم: على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وقال الذهبي: ولم يخرجا لعمارة شيئًا. [3] أخرجه الطبراني في الأوسط "7919/2".