نام کتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 2 صفحه : 175
إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأْمَتَهُ، وَأَذِنَ بِالرَّحِيلِ، ثُمَّ مَرَّ عَلَى بَنِي غَنْمٍ فَقَالَ: "مَنْ مَرَّ بِكُمْ"؟ قَالُوا: دِحْيَةُ. وَكَانَ دِحْيَةُ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وَوَجْهُهُ جِبْرِيلَ. فَأَتَاهُمْ فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ[1].
وقال يونس، عَنِ ابن إسحاق: قدِم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علينا معه رايته وابتَدَرَ النّاس.
وقال موسى بن عقبة: وخرج رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أثر جبريل، فمر على مجلس بني غنم وهم ينتظرون رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألهم: "مَرَّ عليكم فارس آنفًا"؟ فقالوا: مرّ علينا دحية عَلَى فرسٍ أبيض تحته نمطٌ أو قطيفة من ديباج عليه اللأّمة. قَالَ: "ذاك جبريل". وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يشبّه دِحيةَ بجبريل. قَالَ: ولما رأى عليّ بن أبي طالب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلا تلقّاه. وقال: ارجع يَا رَسُولَ اللَّهِ! فإنّ الله كافيك اليهود. وكان علي سمع منهم قولا سبيبيا[2] لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأزواجه. فكره عليّ أن يسمع ذَلِكَ، فقال: "لِمَ تأمرني بالرجوع"؟ فكتمه ما سَمِعَ منهم. فقال: "أظنّك سَمِعْتُ لي منهم أذى؟ فامضِ فإنّ أعداء الله لو قد رأوني لم يقولوا شيئًا ممّا سَمِعْتُ".
فلما نَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحصنهم، وكانوا في أعلاه، نادى بأعلى صوته نفرًا من أشرافهم حتى أسمعهم فقال: "أجيبونا يا معشر يهود يا أخوة القِرَدَة، لقد نزل بكم خِزْي الله". فحاصرهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكتائب المسلمين بضع عشرة ليلة، وردّ الله حُيَيّ بنَ أخطب حتى دخل حصنَهُم، وقذف الله في قلوبهم الرُّعب، واشتدّ عليهم الحصار، فصرخوا بأبي لُبابة بن عبد المنذر وكانوا حلفاء الأنصار. فقال: لا آتيهم حتى يأذن لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: "قد أذِنْتُ لك". فأتاهم، فبكوا وقالوا: يا أبا لُبابة، ماذا ترى، فأشار بيده إلى حلْقه، يريهم إنّما يراد بكم القتل. فلما انصرف سُقِط في يده ورأى أنّه قد أصابته
1 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "6/ 141, 142"، وذكره الحافظ في "الفتح" "7/ 472" بنحوه، وقال: إسناده صحيح، والحديث أصله في "الصحيحين". [2] سبيبي: السب أو أكثر منه. وفي البداية لابن كثير: "سيئًا".
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 2 صفحه : 175