نام کتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 2 صفحه : 176
فتنةٌ عظيمة, فقال: والله لا أنظر في وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أحدِث لله توبةً نَصُوحًا يعلمها الله من نفسي. فرجع إلى المدينة فربط يديه إلى جذعٍ من جذوع المسجد. فزعموا أنّه ارتبط قريبًا من عشرين لَيْلَةٍ.
فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[1]، كما ذُكر، حين راث عليه أبو لُبابة: "أما فرغ أبو لُبابة من حلفائه"؟ قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قد والله انصرف من عند الحصن، وما ندري أين سلك. فقال: "قد حدث له أمر". فأقبل رجل فقال: يَا رَسُولَ الله! رأيت أبا لبابة ارتبط بحبل إلى جِذْعٍ من جذوع المسجد. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد أصابته بعدي فتنة، ولو جاءني لاستغفرت لَهُ, فإذا فعل هذا فلن أحرّكه من مكانه حتى يقضي الله فيه ما شاء".
قَالَ ابْنُ لَهِيعة، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَة، فذكر نحو ما قص موسى بن عقبة. وعنده: فلبس رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأمَتَه وأذَّن بالخروج، وأمرهم أن يأخذوا السّلاح, ففرغ النّاس للحرب، وبعث عليًّا عَلَى المقدّمة ودفع إليه اللواء, ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى آثارهم. ولم يقل بضع عشرة ليلة.
وقال يونس بن بُكَيْرَ، والبكائي -واللَّفظ له- عَنِ ابن إسحاق قَالَ: حاصرهم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خمسًا وعشرين ليلةً، حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرُّعب, وكان حُيَيّ بنُ أخطب دخل مع بني قُرَيْظة في حصنهم حين رجعت عنهم قُريش وغَطفان، وفاءً لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه، فلما أيقنوا بأنّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير منصرف عنهم حتى يناجزهم، قَالَ كعب بن أسد: يا معشر يهود! قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإنّي عارضٌ عليكم خِلالًا ثلاثًا، فخُذُوا أيّها شئتم. قالوا: وما هي؟ قَالَ: نبايع هذا الرجل ونَصْدُقُه، فَوَالله لقد تعيّن لكم أنّه لَنَبِيّ مُرْسَل، وأنّه للَّذي تجدونه في كتابكم، فتأْمَنون عَلَى دمائكم وأموالكم. قالوا: لا نفارق حُكم التَّوراة أبدًا ولا نستبدل به غيرَه. قَالَ: فإذا أبيتم عَلَى هذه. فهلُمَّ فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثُمَّ نخرج إلى محمد وأصحابه مصلتين السيوف لم نترك وراءنا ثقلا، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك ولم نترك وراءنا نَسْلًا نخشى عليه، وإنْ نظهر فَلَعَمْري لَنَتّخِذَنَّ النّساء والأبناء. قالوا: نقتل هَؤُلاءِ المساكين، فما خير العيش بعدهم؟ قَالَ فإنْ أبيتم هذه فإنّ الليلة ليلة السبت وإنّه عسى أنْ يكون محمدٌ وأصحابه قد أمنوا [1] راث عليه: أبطأ عليه.
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 2 صفحه : 176