نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت تدمري نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 43 صفحه : 223
قلت: توفّي يوم عيد الفطر بهراة [1] . [1] وقال القزويني في (آثار البلاد وأخبار العباد) : حكي أن فخر الدين الرازيّ ورد بخارى، وحضر حلقة رضيّ الدين النيسابورىّ، وكان في حلقته أربعمائة فاضل مثل ركن الدين العميدي، وركن الدين الطاووسيّ، ومن كان من طبقاتهم ومعه كان دونهم، واستدلّ [أي الرازيّ] في ذلك المجلس فلم يبق من القوم إلا من أورد عليه سؤالا أو سؤالين، فأعادها كلها، فلما قال: والاعتداد عن هذه الفوائد، قال رضي الدين: لا حاجة إلى الجواب فإنه لا مزيد على هذا، وتعجّب القوم ضبطه وإعادته وترتيبه.
وحكي أنه قبل اشتهاره ذهب إلى خوارزم مع رسول، فقال أهل خوارزم للرسول: سمعنا أن معك رجلا فاضلا نريد أن نسمع منه فائدة، وكانوا في الجامع يوم الجمعة بعد الصلاة، فأشار الرسول إلى فخر الدين بذلك، فقال فخر الدين: أفعل ذلك بشرط أن لا يبحثوا إلّا موجها. فالتزموا ذلك. فقال: من أي علم تريدون؟ قالوا: من علم الكلام فإنه دأبنا.
قال: أي مسألة تريدون؟ اختاروا مسألة شرع فيها وقرّرها بأدنى زمان، وكان هناك من العوامّ خلق كثير، وعوامّ خوارزم متكلّمة لعلّهم عرفوا أن فخر الدين قرّر الدليل وغلبهم كلهم، فأراد مرتّب القوم أن يخفي ذلك محافظة لمحفل الرئيس فقال: قد طال الوقت وكثرت الفوائد. اليوم تقتصر على هذا، وتمامه في مجلس آخر في حضرة مولانا. فقال فخر الدين: أيها الخوارزميّ إن مولانا لا يقوم من هذا المجلس إلا كافرا أو فاسقا لأني ألزمته الحكم بالحجّة، فإن لم يعتقد فهو كافر على زعمه، وإن اعتقد ولم يعترف به فهو فاسق على زعمه.
وحكي أنه ورد بخارى، وسمع أن أحدا من أهل بخارى ذكر إشكالات على إشارات أبي علي [يعني ابن سينا] ، فلما ورد فخر الدين بخارى أوصى لأصحابه أن لا يعرضوا ذلك على فخر الدين، فقال فخر الدين لأحد من أصحاب الرجل: أغزني ليلة واحدة. ففعل، فضبطها كلها في ليلة واحدة، وقام وذهب إليه أول النهار وقال له: سمعت أنك أوردت الإشكالات على أبي عليّ، فمعنى كلام أبي عليّ هذا كيف تورد عليه الإشكال، حتى أتى على جميعها، ثم قال له: أما تتّقي الله فهو كلام الرجل ما تعرف وتفسّرها من عندك تفسيرا فاسدا وتورد عليه الإشكال؟ فقال الرجل: أظن أن الفخر الرازيّ! فقال: ما أخطأت في هذا الظن. وقام وخرج.
وحكي أنه كان يعظ على المنبر بخوارزم وعوامّ خوارزم كلهم متكلّمة يبحثون بحثا صحيحا. وكان يأتي بمسألة مختلفة بين المعتزلة والأشاعرة، ثم يقرّرها تقريرا تاما ويقول: أئمّة المعتزلة لا يقدرون على مثل هذا التقرير. ويقول لهم: أما هذا تقرير حسن؟
يقولون: نعم. فيقول: اسمعوا إبطاله. فيبطله بأدلّة أقوى منها، فالمعتزلة عزموا على ترك الاعتزال لأن الواجب عليهم اتباع الدليل، فقال لهم مشايخهم: لا تخالفوا مذهبكم فإن هذا رجل أعطاه الله في التقرير قوّة عجيبة، فإنّ هذا لقوّته لا لضعف مذهبكم.
وحكي أنه كان على المنبر فنقل شيئا من التوراة فقالوا: كيف عرفت أنه في التوراة؟ فقال:
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت تدمري نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 43 صفحه : 223