نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 680
لواء المعالي والمفاخر، ربّ التّيجان والأسرّة والمنابر، والمجلّي في ميدان السّابقين من الملوك الأكابر، في الزمن الغابر، حامل الأمّة بنظره الرشيد ورأيه الظافر، وكافل الرعايا في ظلّه المديد وعدله الوافر، ومطلع أنوار العزّ والسّعادة من أفقه السّافر، واسطة السّلك من هذا النّظام، والتّاج المحلّى في مفارق الدول والأيام، سيّد الملوك والسلاطين، بركة الإسلام والمسلمين، كافل أمير المؤمنين، أبو سعيد. أعلى الله مقامه، وكافأ عن الأمّة إحسانه الجزيل وأنعامه، وأطال في السّعادة والخيرات المبدأة المعادة لياليه وأيامه، لما أوسع الدين والملك نظرا جميلا من عنايته، وأنام الخلق في حجر كفالته، ومهاد كفايته، وأيقظ لتفقّد الأمور، وصلاح الخاصّة والجمهور، عين كلاءته، كما قلّده الله رعايته [1] وأقام حكام الشريعة والسياسة يوسعون نطاق الحق إلى غايته، ويطلعون وجه العدل سافرا عن آيته. ونصب في دست النيابة من وثق بعدله وسياسته، ورضي الدين بحسن إيالته، وأمّنه على سلطانه ودولته، وهو الوفيّ- والحمد للَّه- بأمانته، ثم صرف نظره إلى بيوت الله يعنى بإنشائها وتأسيسها، ويعمل النّظر الجميل في إشادتها وتقديسها، ويقرض الله القرض الحسن في وقفها وتحبيسها وينصب فيها لبثّ العلم من يؤهّله لوظائفها ودروسها، فيضفي عليه بذلك من العناية أفخر لبوسها، حتى زهت الدولة بملكها ومصرها، وفأخرت الأنام بزمانها الزاهر وعصرها. وخضعت الأواوين لإيوانها العالي وقصرها، فابتهج العالم سرورا بمكانها، واهتزّت الأكوان للمفاخرة بشأنها، وتكفّل الرّحمن، لمن اعتزّ به الإيمان، وصلح على يده الزمان، بوفور المثوبة ورجحانها.
وكان مما قد من به الآن تدريس الحديث بهذه المدرسة وقف الأمير صرغتمش من سلف أمراء التّرك، خفّف الله حسابه وثقّل في الميزان- يوم يعرض على الرحمن- كتابه، وأعظم جزاءه في هذه الصّدقة الجارية وثوابه، عناية جدّد لي لباسها، وإيثارا بالنّعمة التي صحّحت قياسها، وعرفت منه أنواعها وأجناسها، فامتثلت المرسوم، وانطلقت أقيم الرّسوم، وأشكر من الله وسلطانه الحظّ المقسوم. وأنا مع هذا معترف بالقصور، بين أهل العصور، مستعيذ باللَّه وبركة هؤلاء الحضور، [1] كذا في الأصل، ولعلها: «قلده الله حق رعايته» ، أو «واجب رعايته» ، أو نحو هذا.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 680