نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 675
حاشيته الأبدال [1] وأنبت الأوتاد [2] ، ومنفّق أسواق العزّ بما بذل فيها من جميل نظره المدخور والعتاد، رحمة الله الكافلة للخلق، ويداه المبسوطتان بالأجل والرّزق، وظلّه الواقي للعباد بما اكتنفهم من العدل والحقّ، قاصم الجبابرة، والمعفّي على آثار الأعاظم من القياصرة، وذوي التّيجان من التبابعة والأكاسرة، أولي الأقيال [3] والأساورة [4] ، وحائز قصب السّبق في الملوك عند المناضلة والمفاخرة، ومفوّض الأمور بإخلاصه إلى وليّ الدنيا والآخرة، مؤيّد كلمة الموحّدين، ورافع دعائم الدّين، وظهير خلافة المؤمنين، سلطان المسلمين أبو سعيد. صدّق الله فيما يقتفي من الله ظنونه، وجعل النّصر ظهيره، كما جعل السّعد قرينه، والعزّ خدينه [5] ، وكان وليّه على القيام بأمور المسلمين ومعينة، وبلّغ الأمّة في اتّصال أيامه، ودوام سلطانه، ما يرجونه من الله ويؤمّلونه. لمّا قلّده الله هذا الأمر الّذي استوى له على كرسيّ الملك، وانتظمت عقود الدّول في لبّات [6] الأيام، وكانت دولته واسطة السّلك، وجمع له الدين بولاية الحرمين، والدنيا بسلطان التّرك.
وأجرى له أنهار مصر من الماء والمال، فكان مجازه فيها بالعدل في الأخذ والتّرك.
وجمع عليه قلوب العباد. فشهد سرّها بمحبّه الله [له] شهادة خالصة من الرّيب، بريئة من الشّكّ. حتى استولى من العزّ والملك على المقام الّذي رضيه وحمده. ثم تاقت نفس إلى ما عند الله، فصرف قصده إليه وأعتمده، وسارع إلى فعل الخيرات بنفس مطمئنة، لا يسأل عليها أجرا ولا يكدّرها بالمنّة، وأحسن رعاية الدين والملك تشهد بها الأنس والجنّة، لا، بل النّسم [7] والأجنّة [8] . ثم آوى الخلق إلى عدله [1] يوري بالابدال في مصطلح الصوفية، وهم أشخاص سبعة: يسافرون بأرواحهم من مكان الى اخر، ويتركون جسدهم في موضعهم الأول، بحيث لا يحسّ أحد بسفرهم. عن «تعريفات» الجرجاني ص 27، و «تعريفات» ابن العربيّ ص 2. [2] والأوتاد عند الصوفية أيضا: عبارة عن أربعة رجال، منازلهم على منازل الأربعة الأركان من العالم:
الشرق، والغرب، والشمال، والجنوب، كل واحد منهم مقامه في تلك الجهة. عن الجرجاني في «التعريفات» ص 27، وابن العربيّ ص 2. ويريد ان الدولة غنية بالرجال. [3] جمع قيل وهو، في مملكة حمير، بمنزلة الوزير بالنسبة للملك. [4] جمع أسوار، وهو الرامي أو الفارس. وعند الفرس القائد وهنا تعني القوّاد. [5] الخدين: الحبيب والصاحب للمذكر والمؤنث. [6] من لبث: لبثا يده: اي لواها. وهنا بمعنى اضطراب الأيام. [7] النسم: نفس الروح. [8] الأجنة: ج جنين: المستور من كل شيء. والولد ما دام في الرحم قبل أن يرى النور.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 675