نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 671
بهم أزره في رفع القواعد من بنيانها، من بين مصرّف لعنانها، متقدّم القدم على أعيانها، في بساط إيوانها، وربّ مشورة تضيء جوانب الملك بلمعانها، ولا يذهب الصّواب عن مكانها، ومنفّذ أحكام يشرق الحقّ في بيانها، ويضوع العدل من أردانها [1] ونجيّ [2] خلوة في المهم الأعظم من شأنها، وصاحب قلم يفضي بالأسرار إلى الأسل [3] الجرّار، فيشفي الغليل بإعلانها. حفظ الله جميعهم وشمل بالسّعادة والخيرات المبدأة المعادة تابعهم ومتبوعهم.
ولمّا سبحت في اللّجّ الأزرق، وخطوت من أفق المغرب إلى أفق المشرق، حيث نهر النّهار ينصبّ من صفحه المشرق، وشجرة الملك التي اعزّ بها الإسلام تهتزّ في دوحه المعرق، وأزهار الفنون تسقط علينا من غصنه المورق، وينابيع العلوم والفضائل تمدّ وشلنا [4] من فراته المغدق، أو لوني عناية وتشريفا، وغمروني إحسانا ومعروفا، وأوسعوا بهمتي [5] إيضاحا، ونكرتي تعريفا، ثمّ أهّلوني للقيام بوظيفة السّادة المالكيّة بهذا الوقف الشريف، من حسنات السلطان صلاح الدّين أيّوب ملك الجلاد والجهاد، وماحي آثار التّثليث والرّفض الخبيث من البلاد، ومطهّر القدس الشّريف من رجس الكفر بعد أن كانت النّواقيس والصّلبان فيه بمكان العقود من الأجياد. وصاحب الأعمال المتقبّلة يسعى نورها بين يديه في يوم التّناد [6] ، فأقامني السلطان- أيده الله- لتدريس العلم بهذا المكان، لا تقدّما على الأعيان، ولا رغبة عن الفضلاء من أهل الشّأن، وإني موقن بالقصور، بين أهل العصور، معترف بالعجز عن المضاء في هذا القضاء، وأنا أرغب من أهل اليد البيضاء، والمعارف المتّسعة الفضاء، أن يلمحوا بعين الارتضاء، ويتغمّدوا بالصّفح والإغضاء، والبضاعة بينهم مزجاة [7] ، والاعتراف من اللّوم- إن شاء الله- منجاة، والحسنى من الإخوان مرتجاة. والله تعالى يرفع لمولانا السلطان في [1] الأردان: الأكمام. وفي الكلام تجوز. [2] النجي: الشخص الّذي تساره، وفلان نجى فلان، أي يناجيه دون سواه. [3] الأسل: الرماح وكل حديد رهيف من سيف وسكين. [4] الوشل: الماء القليل. [5] البهمة: بهم: الخطة الشديدة. [6] يوم التناد: يوم ينادي «أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا من الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله» 7: 50. لسان العرب. [7] بضاعة مزجاة: قليلة.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 671