نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 578
الفاضل الوزير ابن خلدون. وصل الله سعده وحرس مجده بمنّه.
وإنما طوّلت بذكر هذه المخاطبات، وإن كانت فيما يظهر خارجة عن غرض الكتاب لأنّ فيها كثيرا من أخباري وشرح حالي فيستوفي ذلك منها ما يتشوّف إليه من المطالعين للكتاب.
ثم إنّ السلطان أبا حمّو لم يزل معتملا في الإجلاب على بجاية واستئلاف قبائل رياح لذلك، ومعولا علي مشايعتي فيه، ووصل يده مع ذلك بالسلطان أبي إسحاق ابن السلطان أبي بكر صاحب تونس من بني أبي حفص، لما كان بينه وبين أخيه صاحب بجاية وقسنطينة من العداوة التي تقتضيها مقاسمة النسب والملك، فكان يوفد رسله عليه في كل وقت، ويمرّون بي وأنا ببسكرة فأكّد الوصلة بمخاطبة كل منهما، وكان أبو زيان ابن عمّ السلطان أبي حمّو بعد إجفاله عن بجاية واختلال معسكره قد سار في أثره إلى تلمسان، وأجلب على نواحيها فلم يظفر بشيء، وعاد إلى حصين فأقام بينهم، واشتملوا عليه، ونجم النفاق في سائر أعمال المغرب الأوسط. ولم يزل يستألفهم حتى اجتمع له الكثير منهم، فخرج في عساكره منتصف تسع وستين وسبعمائة إلى حصين وأبي زيان، واعتصموا بجبل تيطري، وبعث إليّ في استنفار الزواودة للأخذ بحجزتهم من جهة الصحراء، وكتب يستدعي أشياخهم يعقوب بن علي كبير أولاد محمد، وعثمان بن يوسف كبير أولاد سبّاع بن يحيى. وكتب إلى ابن مزنى قعيدة وطنهم بامدادهم في ذلك، فأمدّهم، وسرنا مغرّبين إليه حتى نزلنا القطفا بتل تيطري، وقد أحاط السلطان به من جهة التل، على أنه إذا افرغ من شأنهم سار معنا إلى بجاية، وبلغ الخبر إلى صاحب بجاية أبي العبّاس فعسكر بمن استألف من بقايا قبائل رياح، وعسكر بطرف ثنيّة القطفا المفضية إلى المسيلة. وبينما نحن على ذلك اجتمع المخالفون من زغبة، وهم خالد بن عامر كبير بني عامر، وأولاد عريف كبراء سويد، ونهضوا إلينا بمكاننا من القطفا، فأجفلت أحياء الزواودة، وتأخّرنا إلى المسيلة. ثم إلى الزاب، وسارت زغبة إلى تيطري واجتمعوا مع أبي زيان وحصين وهجموا على معسكر أبي حمّو ففلّوه ورجع منهزما إلى تلمسان.
ولم يزل من بعد ذلك على استئلاف زغبة ورياح يؤمّل الظفر بوطنه وابن عمّه، والكرة على بجاية عاما فعاما، وأنا على حالي في مشايعته، وإيلاف ما بينه وبين الزواودة، والسلطان أبي إسحاق صاحب تونس وابنه خالد من بعده. ثم دخلت
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 578