responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 570
فؤادا. طال عليّ انقطاع أنبائك، واختفاء أخبارك، فرجوت أن أبلغ المنية بهذا المكتوب إليك، وتخترق الموانع دونك، وإن كنت في موالاتك كالعاطش الّذي لا يروى، والآكل الّذي لا يشبع، شأن من تجاوز الحدود الطبيعية، والعوائد المألوفة، فأنا بعد إنهاء التحيّة المطلولة الروض بماء الدموع، وتقرير الشوق القديم اللّزيم، وشكوى البعاد الأليم، والابتهال في إتاحة القرب [1] قبل الفوت من الله ميسّر العسير، ومقرّب البعيد، أسأل عن أحوالك سؤال أبعد الناس مجالا [2] في مجال الخلوص لك، وأشدّهم حرصا على اتّصال سعادتك، وقد اتصل بي في هذه الأيام ما جرى به القدر من تنويع الحال لديك، واستقرارك ببسكرة على الغبطة بك باللجإ إلى تلك الرئاسة الزكيّة، الكريمة الأب، الشهيرة الفضل، المعروفة القدر على البعد، حرسها الله ملجأ للفضلاء، ومخيّما لرجال العلياء، ومهبّا لطيب الثناء، بحول وقوّته، وقاربت كلّ ساح السلامة [3] فاحمدوا الله على الخلاص، وقاربوا في معاملة الآمال، وضنّوا بتلك الذات الفاضلة عن المشاقّ، وأبخلوا بها عن المتالف، فمطلوب الحريص على الدّنيا خسيس، والموانع الحافّة جمّة، والحاصل حسرة، وما قلّ سعي يحمد حاله العاقبة [4] ، والعاقل لا يستنكحه الاستغراق فيما آخره الموت، إنّما ينال منه الضروريّ، ومثلك لا يعجزه مع الناس [5] العافية، إضعاف ما يرجى به العمر من المأكل والمشرب، وحسبنا الله.
وإن تشوّفت لحال المحبّ تلك السيادة الفذّة والبنوّة البرّة، فالحال حال من جعل الزّمام بيد القدر، والسير في مهيع الغفلة، والسبح في تيار الشواغل، ومن وراء الأمور غيب محجوب، وأجل مكتوب، يؤمّل فيه عادة الستر من الله، إلّا أنّ الضجر الّذي تعلمونه حفظه الناس لما عجزت الحيلة، وأعوز الناصر [6] وسدّت المذاهب، والشأن اليوم شأن الناس فيما يقرب من الاعتدال.

[1] وفي نسخة ثانية: وسؤال إناحة القرب.
[2] وفي نسخة ثانية: وفي نسخة ثانية محالا والمحال: التدبير. وال «مجال الاولى تكون مصدرا والمجال الثانية: مكان الجولان.
[3] وفي نسخة ثانية: وما كل وقت تتاح فيه السلامة.
[4] وفي نسخة ثانية: وبأقل السعي تحصل حالة العاقية.
[5] وفي نسخة ثانية: مع التماس العاقية.
[6] وفي نسخة ثانية: المناص: الملجأ.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 570
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست