نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 563
زمامهم، ورأى أن يعوّل عليّ في ذلك، واستدعاني لحجابته وعلامته، وكتب بخطّه مدرجة في الكتاب نصّها:
الحمد للَّه على ما أنعم، والشكر للَّه على ما وهب، ليعلم الفقيه المكرّم أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون، حفظه الله، انك تصل إلى مقامنا الكريم بما خصصناكم به من الرتبة المنيعة، والمنزلة المنيفة، وهو قلم خلافتنا، والانتظام في سلك أوليائنا، وقد أعلمناكم بذلك، وكتب بخطّ يده عبد الله المتوكل على الله، موسى بن يوسف لطف الله به وخار له.
وبعده بخطّ الكاتب ما نصّه: بتاريخ السابع عشر من شهر رجب الفرد الّذي من عام تسع وستين وسبعمائة، عرّفنا الله خيره. ونصّ الكتاب الّذي هذه مدرجته، وهو بخطّ الكاتب: «أكرمكم الله يا فقيه أبا زيد ووالى رعايتكم، إنّا قد ثبت عندنا، وصحّ لدينا ما انطويتم عليه من المحبّة في مقامنا، والانقطاع إلى جنابنا، والتشييع قديما وحديثا لنا، مع ما نعلمه من محاسن اشتملت عليها أوصافكم، ومعارف فقتم فيها نظراءكم، ورسوخ القدم في الفنون العلميّة والآداب العربيّة.
وكانت خطّة الحجابة ببابنا العليّ أسماه الله إلى درجات أمثالكم، وأرفع الخطط لنظرائكم، قربا منّا، واختصاصا بمقامنا، واطّلاعا على خفايا أسرارنا، آثرناكم بها إيثارا، وقدّمناكم لها اصطفاء واختيارا، فاعملوا على الوصول إلى بابنا العليّ أسماه الله لما لكم فيه من التنويه، والقدر النبيه، حاجبا لعليّ بابنا، ومستودعا لأسرارنا، وصاحبا لكريم علامتنا، إلى ما شاكل ذلك من الانعام العميم، والخير الجسيم، والاعتناء والتكريم. لا يشارككم مشارك في ذلك، ولا يزاحمكم أحد، وإن وجد من أمثالكم فأعملوه وعوّلوا عليه، والله تعالى يتولّاكم، ويصل سرّاءكم، ويوالي احتفاءكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته» .
وتأدّت إليّ هذه الكتب السلطانيّة على يد سفير من وزرائه جاء إلى أشياخ الزواودة في هذا الغرض، فقمت له في ذلك أحسن قيام وشايعته أحسن مشايعة، وحملتهم على إجابة داعي السلطان والبدار إلى خدمته. وانحرف كبراؤهم عن السلطان أبي العبّاس إلى خدمته، والاعتمال في مذاهبه، واستقام غرضه من ذلك، وكان أخي يحيى قد خلص من اعتقاله، وقدم عليّ ببسكرة، فبعثته إلى السلطان أبي حمّو كالنائب عني في الوظيفة، متفاديا عن تجشّم أهوالها بما كنت
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 563