نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 520
وأصحابه وتابعيه. قال: وكان يتلقّاه في كل بلد من أصحابه وأشياعه وخدمه من يأتيه بالأزواد والنفقات من بلده، إلى أن ركبنا البحر من تونس إلى الاسكندرية.
قال: واشتدّت عليّ الغلمة في البحر واستحييت من كثرة الاغتسال لمكان هذا الرئيس، فأشار عليّ بعض بطانته بشرب الكافور، فاغترفت منه غرفة فشربتها فاختلطت. وقدم الديار المصرية على تلك الحال، وبها يومئذ تقيّ الدين بن دقيق العيد وابن الرفعة وصفيّ الدين الهندي، والتبريزي وغيرهم من فرسان المعقول والمنقول. فلم يكن قصاراه إلّا تمييز أشخاصهم إذا ذكرهم لنا، لما كان به من الاختلاط. ثم حجّ مع ذلك الرئيس وسار في جملته إلى كربلاء فبعث به من أصحابه من أوصله إلى مأمنه ببلاد زواوة من أطراف المغرب. وقال لي شيخنا رحمه الله: كان معي دنانير كثيرة تزودتها من المغرب واستبطنتها في جبّة كنت ألبسها، فلمّا نزل بي ما نزل انتزعها مني، حتى إذا بعث أصحابه يشيّعوني إلى المغرب دفعها إليهم، حتى إذا أوصلوني إلى المأمن أعطوني إياها، وأشهدوا عليّ في كتاب حملوه معهم إليه كما أمرهم. ثم قارن وصول شيخنا إلى المغرب مهلك يوسف بن يعقوب وخلاص أهل تلمسان من الحصار، فعاد إلى تلمسان وقد أفاق من اختلاطه، وانبعثت همّته إلى تعلّم العلم. وكان مائلا إلى العقليات فقرأ المنطق على أبي موسى ابن الإمام، وجملة من الأصلين، وكان أبو حمّو صاحب تلمسان قد استفحل ملكه، وكان ضابطا للأمور، وبلغه عن شيخنا تقدّمه في علم الحساب، فدفعه إلى ضبط أمواله ومشارفة أحواله [1] . وتفادى شيخنا من ذلك فأكرهه عليه، فأعمل الحيلة في الخلاص منه، ولحق بفاس أيام السلطان أبي الربيع [2] ، وبعث فيه أبو حمّو، فاختفى بفاس للتعاليم من اليهودي خليفة المغيلي [3] ، فاستوفى عليه فنونها، وحذق وخرج متواريا من فاس، فلحق بمراكش أعوام عشر وسبعمائة. ونزل على الإمام أبي العبّاس بن البنّاء شيخ المعقول والمنقول، والمبرّز في التصوّف علما وحالا، فلزمه، وأخذ عنه وتضلّع في علم المعقول [1] وفي نسخة ثانية: مشارفة عمّا له. [2] ابو الربيع: وهو سليمان بن عبد الله بن أبي يعقوب بن يوسف بن عبد الحق المريني المتوفى سنة 710 هـ. [3] وفي نسخة ثانية: واختفى بفاس عند شيخ التعاليم من اليهود، خلّوف المغيلي.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 520