نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 110
وأغدّ السير إلى تازى، فوصلته هناك طاعة بني مرين كما نذكره. ونفر معه عسكر منهم، ونهض إلى تلمسان وما وراءها ونجا يغمراسن بن زيّان وبنو عبد الواد بأهليهم وأولادهم إلى قلعة تامزردكت قبلة وجدة، فاعتصموا بها.
ووفد على السعيد الفقيه عبدون وزير يغمراسن مؤدّيا للطاعة ثابتا في مذاهب الخدمة، ومتوليا من حاجات الخليفة بتلمسان ما يدعوه إليه ويصرفه في سبيله، ومعتذرا عن وصول يغمراسن، فلجّ الخليفة في شأنه ولم يعذره. وأبي إلّا مباشرة طاعته بنفسه، وساعده في ذلك كانون بن جرمون السفياني صاحب الشورى بمجلسه ومن حضر من الملأ [1] ورجعوا عبدونا لاستقدامه، فتثاقل خشية على نفسه. واعتمد السعيد الجبل في عساكره وأناخ بها في ساحة [2] وأخذ بمخنقهم ثلاثا، ولرابعها ركب مهجرا على حين غفلة من الناس في قائلة ليتطوّف على المعتصم، ويتقرّى مكامنه، فبصر به فارس من القوم يعرف بيوسف بن عبد المؤمن الشيطان، كان أسفل الجبل للاحتراس وقريبا منه يغمراسن بن زيّان وابن عمّه يعقوب بن جابر فانقضوا عليه من بعض الشعاب، وطعنه يوسف فأكبّه عن فرسه، وقتل يعقوب بن جابر وزيره يحيى بن عطوش. ثم استلحموا لوقتهم مواليه ناصحا من العلوج وعنبرا من الخصيان، وقائد جند النصارى أخو القمط، ووليدا يافعا من ولد السعيد.
(ويقال) إنما كان ذلك يوم عبّى العساكر وصعد الجبل للقتال، وتقدّم أمام الناس فاقتطعه بعض الشعاب المتوعّرة في طريقه، فتواثب به هؤلاء الفرسان وكان ما ذكرناه، وذلك في صفر سنة ست وأربعين وستمائة. ووقعت النفرة في العساكر لطائر الخبر فأجفلوا، وبادر يغمراسن إلى السعيد وهو صريع بالأرض فنزل إليه وحيّاه وفدّاه وأقسم له على البراءة من هلكته، والخليفة وأجم بمصرعه يجود بنفسه إلى أن فاض وانتهب المعسكر بجملته، وأخذ بنو عبد الواد ما كان به من الأخبية والغازات.
واختصّ يغمراسن بفسطاط السلطان فكان له خالصة دون قومه، واستولى على الذخيرة التي كانت فيه، منها مصحف عثمان بن عفّان رضي الله عنه يزعمون أنه أخذ المصاحف التي انتسخت لعهد خلافته، وأنه كان في خزائن قرطبة عند ولد عبد [1] وفي نسخة ثانية: الجلة. [2] بياض بالأصل ولم نستطع معرفة اسم هذه الساحة في المراجع التي بين أيدينا.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 110