نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 109
وبلوغ وطره، والإشراف على إذعان المغرب لطاعته وانقياده وحكمه، وإدالة عبد المؤمن فيه بدعوته. ودخل يغمراسن بن زيّان ووفّى للأمير أبي زكريا بعهده، وأقام بها الدعوة له على سائر منابره، وصرف إلى مشاقيه من زناتة وجوه عزائمه، فأذاق عبد القويّ وأولاد عبّاس وأولاد منديل نكال الحرب، وسامهم سوء العذاب والفتنة، وجاس خلال ديارهم وتوغّل في بلادهم وغلبهم على الكثير من ممالكهم، وشرّد عن الأمصار والقواعد ولاتهم وأشياعهم ودعاتهم، ورفع عن الرعيّة ما نالهم من عدوانهم وسوء ملكتهم وثقيل عسفهم وجورهم. ولم يزل على تلك الحال إلى أن كان من حركة صاحب مراكش بسبب أخذ يغمراسن بالدعوة الحفصيّة ما نذكره إن شاء الله تعالى.
(الخبر عن نهوض السعيد صاحب مراكش ومنازلته يغمراسن بجبل تامزردكت ومهلكه هنالك)
لما انقضت دولة بني عبد المؤمن. وانتزى الثوّار والدعاة بقاصية أعمالهم. وقطعوها عن ممالكهم، فاقتطع ابن هود ما وراء البحر من جزيرة الأندلس واستبدّ بها، وورّى بالدعاء للمستنصر بن الظاهر خليفة بغداد من العبّاسيين لعهده، ودعا الأمير أبو زكريا بن أبي حفص بإفريقية لنفسه، وسما إلى جمع كلمة زناتة والتغلّب على كرسي الدعوة بمراكش، فنازل تلمسان وغلب سنة أربعين وستمائة وقارن ذلك ولاية السعيد علي بن المأمون إدريس بن المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، وكان شهما حازما يقظا بعيد الهمّة، فنظر في أعطاف دولته، وفاوض الملأ في تثقيف أطرافها وتقويم مائلها، وأثار حفائظهم ما وقع من بني مرين في ضواحي المغرب. ثم في أمصاره واستيلائهم على مكناسة، وإقامتهم الدعوة الحفصيّة فيها كما نذكره. فجهّز الملوك والعساكر وأزاح عللهم، واستنفر عرب المغرب وما يليه [1] ، واحتشد كافة المصامدة. ونهض من مراكش آخر سنة خمس وأربعين وستمائة يريد القاصية، ويشرّد بني مرين عن الأمصار الدانية. واعترض العساكر والحشود بوادي بهت، [1] وفي نسخة ثانية: وقبائله.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 109