نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 4 صفحه : 188
إلى الأقطار رجالا من التجّار ويسرّب إليهم الأموال لشرائها، حتى جلب منها إلى الأندلس ما لم يعهدوه وبعث في كتاب الأغاني إلى مصنّفه أبي الفرج الأصفهاني، وكان نسبه في بني أمية، وأرسل إليه فيه ألف دينار من الذهب العين، فبعث إليه بنسخة منه، قبل أن يخرجه بالعراق. وكذلك فعل مع القاضي أبي بكر الأبهريّ المالكيّ في شرحه لمختصر ابن عبد الحكم، وأمثال ذلك. وجمع بداره الحذّاق في صناعة النسخ والمهرة في الضبط والإجادة في التجليد، فأوعى من ذلك كلّه، واجتمعت بالأندلس خزائن من الكتب لم تكن لأحد من قبله ولا من بعده، إلا ما يذكر عن الناصر العبّاسي ابن المستضيء. ولم تزل هذه الكتب بقصر قرطبة إلى أن بيع أكثرها في حصار البربر، أمر بإخراجها وبيعها الحاجب واضح من موالي المنصور ابن أبي عامر. ونهب ما بقي منها عند دخول البربر قرطبة، واقتحامهم إيّاها عنوة كما نشير إليه بعد. واتصلت أيام الحكم المستنصر، وأوطأ العساكر أرض العدوة من المغرب الأقصى والأوسط، وتلقى دعوته ملوك زناتة ومغراوة ومكناسة فبثّها في أعمالهم، وخطبوا بها على منابرهم، وزاحموا بها دعوة الشيعة فيما يليهم، ووفد عليه ملوكهم من آل خزر وبني أبي العافية، فأجزل صلتهم وأكرم وفادتهم.
(وفاة الحكم المستنصر وبيعة ابنه هشام المؤيد)
ثم أصابت الحكم العلّة، فلزم الفراش إلى أن هلك سنة ست وستين وثلاثمائة لست عشرة سنة من خلافته، وولي من بعده ابنه هشام صغيرا مناهز الحلم، وكان الحكم قد استوزر له محمد بن أبي عامر، نقله من خطة القضاء إلى وزارته، وفوّض إليه في أموره فاستقل وحسنت حاله عند الحكم، فلما توفي الحكم بويع هشام ولقب المؤيد بعد أن قتل ليلتئذ أخو الحكم المرشّح لأمره، تناول الفتك به محمد بن أبي عامر هذا بممالأة جعفر بن عثمان المصحفي حاجب أبيه، وغالب مولى الحكم صاحب مدينة سالم، ومن خصيان القصر ورؤسائهم فائق وجودر، فقتل محمد بن أبي عامر المغيرة وبايع لهشام
.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 4 صفحه : 188