نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 4 صفحه : 187
شرطها كان منها هدم الحصون والأبراج القريبة من ثغور المسلمين. ثم بعث قومس الفرنجة برسل ومنيرة أثناء سير ملك برشلونة وطركونة وغيرها يسألان تجديد العهد، وإقرارهما على ما كانا عليه، وبعثا بهدية وهي عشرون صبيا من الخصيان الصقالبة، وعشرون قنطارا من الصوف السمور، وخمسة قناطير من الفرصدس [1] ، وعشرة أذراع صقلبية، ومائتا سيف إفرنجية، فقبل هديتهم وعقد لهم على أن يهدما الحصون التي بقرب الثغور، وعلى أن لا يظاهروا عليه أهل ملّتهم وأن ينذروه بما يكون من النصارى في الإجلاب على المسلمين. ثم وصلت رسل غرسية بن شانجة ملك البشكنس في جماعة من الأساقفة والقواميس يسألون الصلح، بعد أن كان توقف فعقد لهم الحكم ورجعوا. وفي سنة خمس وستين وردت أمّ لزريق بن بلاكش القومس بالقرب من جلّيقة، وهو القومس الأكبر، فأخرج الحكم لتلقّيها، واحتفل لقدومها في يوم مشهود فوصلها وأسعفها، وعقد السلم لابنها كما رغبت وأحبت، ودفع لها مالا تقسّمه بين وفدها، وحملت على بغلة فارهة بسرج ولجام مثقلين بالذهب وملحفة ديباج.
ثم عاودت مجلس الحكم للوداع فعاودها بالصلات لسفرها وانطلقت. ثم أوطأ عساكره من أرض العدوة من المغرب الأقصى والأوسط وتلقى دعوته ملوك زناتة من مغراوة ومكناسة فبثوها في أعمالهم، وخطبوا بها على منابرهم، وزاحموا بها دعوة الشيعة فيما بينهم. ووفد عليه ملوكهم من آل خزر وبني أبي العافية فأجزل صلتهم وأكرم وفادتهم وأحسن منصرفهم واستنزل بني إدريس من ملكهم بالعدوة في ناحية الريف، وأجازهم البحر إلى قرطبة، ثم أجلاهم إلى الإسكندريّة حسبما نشير إلى ذلك كله بعد. وكان محبا للعلوم مكرّما لأهلها جمّاعة للكتب في أنواعها ما لم يجمعه أحد من الملوك قبله. قال ابن حزم: أخبرني بكيّة الخصيّ وكان على خزانة العلوم والكتب بدار بني مروان، أن عدد الفهارس التي فيها تسمية الكتب أربعة وأربعون فهرسة، في كل فهرسة عشرون ورقة ليس فيها إلّا ذكر أسماء الدواوين لا غير. فأقام للعلم والعلماء سلطانا نفقت فيها بضائعه من كل قطر. ووفد عليه أبو علي الغالي صاحب كتاب الأمالي من بغداد فأكرم مثواه وحسنت منزلته عنده، وأورث أهل الأندلس علمه، واختص بالحكم المستنصر واستفاد علمه، وكان يبعث في الكتب [1] لعلها الفرصاد وهو التوت.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 4 صفحه : 187