نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 3 صفحه : 200
المؤمنين ومرّوا وتركوا عسكرهم فكبّر سفيان وأصحابه وركب إلى الجسر وبعث إلى عسكرهم فحوى ما فيه وكان كثير الخيرات ثم استخرجوا شبيبا من النهر ودفنوه.
خروج المطرف والمغيرة بن شعبة
لما ولى الحجّاج الكوفة وقدمها وجد بني المغيرة صلحاء أشرافا فاستعمل عروة على الكوفة ومطرّفا على المدائن وحمزة على همذان فكانوا أحسن العمّال سيرة وأشدّهم على المريب. ولما جاء شبيب إلى المدائن نزل نهر شير [1] ومطرّف بمدينة الأبواب فقطع مطرّف الجسر وبعث إلى شبيب أن يرسل إليه من يعرض عليه الدعوة، فبعث إليه رجلا من أصحابه فقالوا نحن ندعو إلى كتاب الله وسنة رسوله، وأنّا نقمنا على قومنا الاستئثار بالفيء وتعطيل الحدود والتبسط بالجزية فقال مطرّف دعوتم إلى حق [2] جورا ظاهرا وأنا لكم متابع فبايعوني على قتال هؤلاء الظلمة بإحداثهم وعلى الدعاء إلى الكتاب والسنة على الشورى كما تركها عمر بن الخطّاب حتى يولّي المسلمون من يرضونه، فإنّ العرب إذا علمت أنّ المراد بالشورى الرضا من قريش رضوا فكثر مبايعكم فقالوا: لا نجيبك إلى هذا! وأقاموا أربعة أيام يتناظرون في ذلك ولم يتفقوا وخرجوا من عنده. ثم دعا مطرّف أصحابه وأخبرهم بما دار بينه وبين أصحاب شبيب وأنّ رأيه خلع عبد الملك والحجّاج فوجموا من قوله وأشاروا عليه بالكتمان فقال له يزيد بن أبي زياد مولى أبيه لن والله يخفى على الحجاج شيء مما وقع ولو كنت في السحاب لاستنزلك فالنجاء بنفسك، ووافقه أصحابه فسار عن المدائن إلى الجبال ولما كان في بعض الطريق دعا أصحابه إلى الخلع والدعاء إلى الكتاب والسنّة، وأن يكون الأمر شورى فرجع عنه بعض إلى الحجّاج منهم سبرة بن عبد الرحمن مخنف وسار مطرّف ومرّ بحلوان وبها سويد بن عبد الرحمن السعدي مع الأكراد فاعترضوه فأوقع مطرّف بهم وأثخن في الأكراد ومال عن همذان ذات اليمين وبها أخوه حمزة واستمدّه بمال وسلاح فأمدّه سرّا. وسار إلى قم وقاشان فبعث عماله في نواحيه وفزع إليه كل جانب فجاء سويد بن سرحان الثقفي وبكير بن هارون [1] بهرسير: ابن الأثير ج 4 ص 434. [2] بياض بالأصل: وفي الكامل لابن الأثير ج 4 ص 434: «ما دعوتم إلّا إلى حق، وما نقمتم إلّا جورا ظاهرا» وكذلك الطبري ج 7 ص 260.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 3 صفحه : 200